قد يضيق الصدر لهول ما مر وما قد يرد على العراق من جسوم الحوادث ، وليس غريب على تاريخ البلدان التآمرات والحروب والفتن والكوارث ، الربانيات منها والبشريات ، فالدولة كما الانسان تحيا وتنتعش وتمرض لكن الخطر كله في موتها لا اعتلالها ، فدوام حالها من المحال . ليس غريب ما مر بنا من الارهاب فقد ضرب الاخير اطنابه في كل اصقاع الارض فعانى منه القاصي والداني ، الكبير والصغير ، الغني والفقير ، الصانع والمستهدف من البلدان ، فمثلما تُكيد يُكاد لك ، ومثلما تفعل تدان . عانى عراق ما بعد الفتح الكبير من الطارءات من المظاهر ، فاجتاحه الفساد ، وعبثت بشبابه المخدرات ، ودقت ابوابه التلاعبات في الارصدة والعقارات والموجودات ، وتشوه شكل المدينة بالمقزم من العقارات ، وتحولت مناطقه الخضراوات الى عشوائيات عبثيات ، وبيع في ارض وطني الاعضاء والاجساد ، وبيعت الشهادات والتحصيلات من المؤهلات ، وتلاعب العابثون بالشهادات فحرفوا وزوروا وغيروا واعتلوا المناصب ، لكن للظلم ساعة والعدل الى أن تقوم الساعة ، فقد انكشف الغطاء وبان التحريف وظهر التزوير واقصي من ثبت تلاعبه ، وليس في كل الخرابات اللاحقات بالبلاد من غرابات أو بائسات ، لكن الغرابة كلها والبأس بعينه أن يتهمك مأزوم بتحصيلك العلمي وقد خرجّت مئات حاملي الشهادات العليا من كبار اساتيذ الجامعات والالاف من حاملي الشهادات الجامعيات ، وحملت الاعلى من الالقاب العلمية ، نعم راح بلدي مثلاً للغريبات العجيبات المضحكات المبكيات ، لقد استذكرت وقد رحت اعجب مما اسمع وارى موقفاً كثير اً ما رويت واستشهدت ودللت به ، ففي ايام المهجر حينما كنت ادير عمادة احدى الكليات الشامخات الكبيرات الرصينات ، وقد مر بي طالب تعيين كاستاذ للقانون ، فرحت اطرح عليه التساؤلات ما اختصاصك ؟ ومن اشرف عليك ؟ وعلى يد من درست ؟ وبماذا بحثت ؟ ومن زاملت ؟ فاكتشفت أنه مزور مضروب مكشوف عن تزويره الغطاء ، اذ لم يحسن فن التلاعب والتزوير ، فكنت نصوح معه وطلبت اليه المغادرة ، ففاجئني بابتزاز أن لم تقبلنِ ساتهمك بالتزوير وانت غريب مغترب ، من ينصرك أو ينتصر لك ، فاذهلني بوقاحته ، وحتى ايام معدودات ظننت أنه الاوقح الذي قابلت ، لكني وجدت الاعجب قبل ايام قليلات سالفات حينما راح مغتاظ يتهم كثير ممن هم في الوسط بالتزوير والتلاعب بالمؤهل وعلى حد تعبيره كلك ، فترحمت على صاحبي المضروب الذي اضطرته الظروف وهو يبحث عن عمل الى الابتزاز في بلد الغربة ، اما ان تُتهم في بلدك وانت خريج الاعرق من الجامعات ، وفي زمن الرصينات العصيات ، وتوليت الاعلى من المناصب العلميات والاداريات والسياسيات ، وحصل على يدك المئات من حاملي العاليات من الشهادات ، ففي ذلك الغرابة كلها ، وفي هذا الموقف خشيت حقيقة على بلدي من المكيدات ، لكن عزائنا فيما اجتاح بلدنا ، أن فيه رجالات صدقوا ما عاهدوا الله على البقاء اوفياء لبلد ولدوا على ارضه ، وعاشوا بين جنباته وتتلمذوا في مدارسه وجامعاته ، واعتلوا المناصب بين شامخاته ( اما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض ) والعاقبة للسمين والبأس كله للغث .