منذ التاريخ العراقي ، أم قصر هي بالولادة والانتماء والهوية عراقية المنشأ ، وإذا هناك من يشك فعليه العودة للخرائط البريطانية الأولى ، وأن ما حدث من تغيرات جيوسياسية قبل الغزو الأمريكي البريطاني للعراق وبعده ، لا يمكن بأي حالة من الأحوال ، أن يغير أو يفرض التغيير على جغرافية العراق ، فالكل يعلم بأن العدوان الأمريكي على العراق فرض تقسيمات جغرافية وسكانية على المجتمع، وقبل بها النظام السابق بحكم رغبته الجامحة في البقاء على سلطة الحكم دون اعتبار لحقائق التاريخ ووقائع الاحداث ما قبل العشرينات من القرن الماضي وما بعدها .
فنظام العهد الصدامي ، كان يتصور بأن التوقيع على الخرائط المفروضة على العراق ما قبل الغزو، يمكنها أن تعطيه فرصة لتجنب الغزو واسقاط النظام ، وهذه كانت واحدة من الاختلالات السياسية في رؤية تطور المسارات وفي قراءة النظام للأحداث ، وفي النظر لطبيعة المشروع الاستعماري القادم للعراق ، مثلما كان الخلل في القبول بتطمينات السفيرة الامريكية في العراق ، عندما أبلغت سلطة النظام الدكتاتوري من إن أمريكا لا علاقة لها بالخلافات العربية العربية ولن تتدخل ، مما ترشح لدى العقلية العبثية الاستباحية بغزو الكويت ، وجرى للعراق ما جرى ، من اسقاط للدولة العراقية وتدمير للبنى التحتية وفرض سياسة المحاصصة والمذهبية والتفرقة المجتمعية ، وبعدها جاءت مسلسلات الإرهاب والقتل الجماعي والتدمير الممنهج للتاريخ والحضور العراقي ضمن محيطة والمحيطين العربي والدولي .
دولة شقيقة
الان تنفتح فوهة خطيرة في العلاقات العربية العربية ، والعراقية الكويتية ، فالكويت دولة شقيقة ، وشعبها أخا لشعب العراق ، وعندما وقع الغزو للاراضي الكويتية وقفنا ضد هذا الغزو ، واكدنا بأن هذا السلوك لا يرتبط بالمطلق بالمنهج العروبي وبمنطق وحدة الامة العربية ، وأنه جزء من حلقة سياسات التدمير للعراق عبر مختلف المواقف العبثية ، هذا هو كان موقف القوى والتيارات العروبية العراقية .
واليوم إذ تفتح الكويت ثغرة في جدار العلاقات الأخوية ، عبر المطالبة بأم قصر مستندة لسياسة الفرض القصري الذي اتخذته الولايات المتحدة الامريكية ومعها بريطانيا ضد العراق خلال غزو بلاد الرافدين وجعلته الأمم المتحدة رقما ضمن ارقامها التي تفرضها الإدارة الامريكية على كل خصومها والدول التي تختلف معها . وكل المتبصرين والعقول الراجحة في الدول العربية ملوكا وامراء ورؤساء يعرفون بأن أم قصر عراقية عبر التاريخ ، وأن هذا الذي يجري الان من قبل دولة الكويت الشقيقة عبر استلاب أم قصر من عرا قيتها ، مستظلين بقرارات جائرة مفروضة بالقوة على العراق اثناء الغزو ما هو إلا لتفكيك الامة العربية وعودة الصراعات الى المجرى الذي لا يخدم الكويت مثلما لا يخدم العراق.
لذا فالمطلوب وقف هذه التداعيات الخطيرة ، والعودة لخرائط ما قبل الغزو الأمريكي البريطاني ، وعلى اشقاؤنا الكويتيين الادراك ، بأن ما جرى من خرائط اثناء الغزو وبعده ليس له علاقة بالمطلق بحقائق الجغرافيا والحدود ، كما على الجميع الوعي والتحسب لكل السياسات الاستعمارية القديمة والحديثة في المنطقة العربية من إنها كانت ومازالت منابع للتوتر والصراعات بين أخوة التاريخ والجغرافيا والدين والقومية ، وفلسطين شاهد قائم . فالعراقيون لا يعطون أم قصر ولا أي ذرة تراب من ارض الوطن ، فزمن الهبات والعطايا التي كان يمارسها النظام السابق قد ولت ، فالأرض عزيزة ، ومن يريد اقتطاعها وبالخصوص أم قصر وشط العرب عليه أ ن ينتزع اكبادنا .
إن النظام الراهن هو الان أمام محك تاريخي ، وموقف وطني فإذا اذن للخرائط الاستعمارية ما بعد الغزو وفرط بمدينة أم قصر أو بأي موقع عراقي من زاخو حتى الفاو ، فعليه أن يرحل ، قبل أن تلفه لعنة التاريخ ويسجل اخطر مرحلة في تاريخه بالخزي والعار ، وهنا لابد للشعب بكل فصائله قول كلمة الفصل قبل أن تتدحرج كرة الشمس وتحرق الجميع .