أثيرت ضجة اعلامية حول وضع مضادات للطائرات فوق أسطح بنايات رسمية في بغداد ومحيطها. وكان في العقود الماضية، نشر هذه المضادات فوق الوزارات والمؤسسات بالعاصمة والمحافظات امراً عادياً، بالرغم من انها لم تكن ذات فاعلية ضد الطائرات الامريكية القاصفة عن بُعد، والتي كانت تقصف في أيام الحرب او تلك التي كانت تستهدف منظومات الدفاع الجوي وبعض المواقع العسكرية على مدار عقد التسعينات.
اليوم، انقسمت توقعات الناس مذاهب شتى في تفسير الظاهرة الجديدة، هناك مَن يتساءل عن نوع العدو المحتمل الذي سيأتي من الجو ويتطلب التصدي له، بعد ان انتهى زمن الحروب المشابهة لما اقحم النظام السابق العراق فيها بتهور، واستجابة لمنطق فرد هو خارج المنطق أصلاً بعدم تفكيره أو شعوره بالمسؤولية تجاه المصير الذي آل اليه العراق اليوم من ضعف وتردي وضعضعة للسيادة.
من حق العراقيين أن يقلقوا من أي مظهر من مظاهر الحروب التي دمرت البلاد وألحقت بها خسائر بالأرواح والاموال لا يمكن تعويضها بعد قرن. ومن حقهم ان يتساءلوا عن أسباب اية حرب ينوي أي طرف شنها، بل من حقهم ان يعملوا على منعه من توريطهم فيها.
وهناك مَن رأى انّ أسلحة مقاومة الطائرات قد تستخدم للدفاع الأرضي وليس الجوي، وانّ المؤسسات لابدّ ان تكون محمية.
واخرون ربطوا بين نشر المضادات ونتائج زيارة وفد وزارة الدفاع العراقية الى البنتاغون في برنامج الحوار الاستراتيجي، بالرغم من انه لا توجد اية علاقة واضحة او منطقية بين الامرين.
وهناك فئة عراقية تتحدث عن ضرورة توفير الحماية المسبقة لدرء اية مخاطر ناجمة عن انفلات السلاح او المجموعات المسلحة التي قد تخرج من انضباطها “الشرعي” او “الشكلي” اليوم لتكون عامل تهديد للسلم الاجتماعي وكيان الدولة غداً.
العراقيون يحللون كل حركة في الشارع ولا يكتفون بالسكوت الذي كانوا عليه لعقود، لأنّ ثمن السكوت الطويل جعل الطريق معبّدا لوصول الاحتلال الخارجي من اجل صنع التغيير الذي لم يحدث، بسوى الأشخاص والمواضعات العامة، ولا يزال كل العراقيين يتطلعون للتغيير الحقيقي، ولا أظن انهم سينتظرون جيلاً اخرَ ينقضي لكي تتحقق أمانيهم .