…… ….. …… قد يكون من الصعب أن يتقبل الجميع من أن الصراع الديني والمذهبي والقومي هو جزء مهم من استراتيجية القوى العظمى ، لأن السياسة الاستعمارية لم تتغير ولكنها اخذت صيغ ومسارات أخرى .. فلم تعد اوربا أو امريكا عنصرية تجاه المسلمين فحسب ، بل امتدت إلى بقاع كبيرة شملت الصين والهند وبورما ووووو..

.عندما أقام
شاب مغربي مشروعا” زراعيا” في أمريكا ،وذهب ليشتري بضعة أغنام لمزرعته.. أخبرته بائعة الأغنام أن هذه الأغنام تعود سلالتها للأغنام التي أخذها ( *المورو* ) معهم أثناء غزوهم لأوروبا.. وتقصد (المسلمين).
ثم قالت : إن الاسبان الذين ورثوها من *المورو* بعد سقوط الاندلس حملوها معهم في سفنهم لقدرتها على التحمل الى الأمريكتين..
وبعد ذلك رأوا أن يقوموا بحملة صليبية ضد هذه الأغنام لإبادتها، لانها تذكرهم بأعدائهم *المورو* .
وقد كان الغربيون يسمون كل المسلمين ( *مورو* ).. وحتى اليوم بقصد الشتم والتنقيص.. كما يقول الأمريكان للسود (نيگرو)،
وهكذا تحولت شنقيط إلى *(مور)يتانيا*
والمغرب إلى *(مور)وكو*
و(بلاد السلى) أسموها (الفلبين) على اسم ملكهم فيليب، ومناطق المسلمين فيها (مورو).. حتى اليوم
كما سميت جزيرة (دنيا العروبة) باسم *(مور)يشيوس* ولازالت تعرف بذلك حتى اليوم..
والمسلمون الذين بقوا في الأندلس بعد سقوطها، سُموا ( *موريسكيون* )..
وعاصمة جزر القمر سُميت ( *موروني* ).. وهكذا.. وهكذا.. وهكذا

إذن؛ كان الأوروبي العادي ينظر للمسلمين على أنهم أمة واحدة.. المغربي في أقصى الغرب، هو نفسه الفلبيني في أقصى الشرق.. جميعهم لم ير فيهم سوى أنهم (مورو).. مسقطا الإختلافات العرقية واللغوية طالما ينتسب الجميع للإسلام..
اما المسلم المعاصر نفسه قد يجد ذلك مادة للسخرية إن حدثته عن وجود رابطة او قضية مشتركة أو هوية تجمع بينه وبين قاطني جزر الفلبين أو موريشيوس !

*وللطرافة* ، فإن أحد أشهر أطباق الطعام في أمريكا الجنوبية هو طبق ( *المورو والنصارى* ).. هكذا اسمه فعلا (Moros y Cristianos) الذي يعبر عن الصراع بين المسلمين والنصاري طوال قرون.. وهو عبارة عن أرز (والأرز هنا يمثل المسيحيين الأنقياء) وفاصوليا (والتي تمثل المسلمين داكني البشرة)
*وللطرافة* ايضا فإن أشهر قديس يعبده الأسبان هو القديس ماتامورو (Matamoros)، والتي تعني حرفيا ( *قاتل المسلمين* ).. وهو في الصورة يحمل سيفا” ويمتطي حصانه الأبيض ويضرب به رقاب المسلمين حوله..
عجبا، ألم يخبرونا أن النصرانيه دين سلام ومحبة.. معقول كانوا يكذبون؟! .. كانوا يكذبون نعم.
وقد سميت على اسم *ماتاموروس* هذا عدة مدن في الأمريكيتين.. ووضعوا تمثالا له في مسجد قرطبة (الذي حولوه لكاتدرائية بالطبع).. تخيل أن يكون عندنا شيخ اسمه (احمد الوائلي ذباح الكلدان و السريان) مثلا.. أمر غريب حقا..
ولكن المسألة ليست عن تعصب فردي لقسيس.. بل شعب كامل يعظمه ويتعصب له.. يبنون له تماثيل ويعبدونه ويسمون أبناءهم باسمه ويعتبرونه حاميهم وشفيعهم وقديسهم.. وحين حاولت الحكومة الاسبانية بعد تفجيرات مدريد عام 2004 أن تزيل تمثال (القس الذباح) لتلطيف الأجواء مع المسلمين ولتخفف من صورتها الصليبية، اعترض الشعب الأسباني.. نريد قاتل المسلمين . فظل مكانه..
آلاف العائلات في أسبانيا وفرنسا وأوروبا بشكل عام تحمل لقب *ماتامورو* .. ولا شك أن من يحمل اسما يفهم دلالته..وله نصيب من اسمه
وعندهم خمر في اسمه لفظة مورو.. خمر داكن اللون وغير مخلوط بالماء، تشبيها له بالمسلم داكن البشرة الذي لم يخضع للتعميد في الماء..
وهكذا كما ترى يعيشون هاجس الصراع مع المورو في طعامهم، وشرابهم، وأسماء قديسيهم، وأسماء مدنهم، وغير ذلك.. لا ينسون أبدا هذا الهاجس..
*والاخبث* ، في الصراع الحضاري مع أمريكا والغرب ، هو محاولتهم تحطيم البنية العقائدية والفكرية والاجتماعية و السياسية للمسلمين من الداخل عبر الأفكار المسمومة لعديد من المستشرقين ، و خلق جماعات وفرق متطرفة تطورت إلى تنظيمات خطرة ومدمرة للمسلمين كما حصل مع تنظيم القاعدة و داعش وتنظيمات شملت اسيا وأفريقيا واوربا وكانت برعاية و حاضنة أوربية وللاسف بتمويل خليجي ، ولا زالت هذه التنظيمات تتمدد بفعل ادعم اللوجستي المبطن لها من المخابرات الغربية و المخابرات المركزية الأمريكية..
و الحقيقة المرة، إن المسلمين لم يخسروا إسبانيا ( الاندلس ) كما يقال في كتب التاريخ ، بل خسروا المحيط كله ومعه الامريكيتين واستراليا ونيوزلندا والآف الجزر وجميع ممرات التجارة الدولية .
وقد حشرتهم مدافع الإسبان وراء مضيق (جبل طارق) لكي يشاهدوا التاريخ من بعيد ، وينظروا إلى الفلاحين الاوروبيين وهم يبحرون بسفن عربية وخرائط عربية إلى عصر آخر في عالم جديد .

وعندما نزلت فرقة الخيالة الإسبانية في المكسيك وتقدم المدعو “كورتيز” لإبادة هنود الإزتك والآنكار ، كان الحصان العربي هو السلاح الذي أربك الهنود أكثر مما سواه ، وكان على التاريخ ان يسجل بهدوء ، أن الحصان العربي قد وصل الى أميركا ، لكن فارسه العربي لم يصل .

البروفيسور د. ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *