حاولتُ أن أحصي عدد إذاعاتنا المحلية، فلم أفلح، فعددها كثير والحمد لله، فبين إذاعة وإذاعة، تجد إذاعة، وأظن أن “الطيف الترددي” يشعر حالياً بالضيق، لكثرة هذه الإذاعات، ولعل ما يحدث من تداخل الإذاعات مع بعضها، في البث، دلالة على زحمتها تلك، إذ أصبح لكل قطاع، ووزارة ونقابة إذاعتها الخاصة، بمنهاجها وتوجهاتها.
تحية، لكل إبداع إذاعي، لكن لدي ملاحظة، آمل أن تتداركها (معظم) تلك الإذاعات، تتعلق ببثها الصباحي اليومي المتمركز على تقديم أغاني المطربة اللبنانية فيروز، ذات الألقاب العديدة التي تستحقها فعلاً، مثل : أرزة لبنان، وعصفورة الشرق وجارة القمر، و سفيرتنا إلى النجوم، لكن بات تكرار أغانيها، يسيء إلى صوتها الرائع، ويصح عليها المثل (الزايد كالناقص) فليس من المعقول أن نستمع يومياً من إذاعاتنا الأغاني الفيروزية نفسها، وكأن الأمر مجرد ملء فراغ البث الصباحي بأغنيات مكررة، فحتى العسل إن زاد عن حده انقلب ضده..
إن إذاعة لبنان المركزية، موطن السيدة فيروز، من خلال متابعتي لها، لمدة أسبوع، قبل أن أكتب ملاحظتي هذه لم أجد أنها تشغل بثها الصباحي بأغنيات فيروز، إلا بمقاطع بسيطة، ترافقها مواد ثقافية وترفيهية حية، وموسيقى شجية، ومقطع من أغنيات خفيفة لمطربين ومطربات عرب، وقد سعدت صباح يوم الاثنين قبل المنصرم بسماع أغنية من تلك الإذاعة لمطربنا الكبير ناظم الغزالي.
زملائي الأعزاء في إذاعاتنا، أنا مثلكم أميل وأشعر بالانتعاش حين استمع إلى صوت فيروز، لكن التكرار اليومي، يولد الملل، فإياكم والملل، فهو طارد لمستمعيكم.
إن الملل غالباً يكون ناتجاً من تكرار فعل الشيء، أي أنك تفعل الشيء نفسه وبالطريقة والرتابة نفسيهما ولمدة طويلة دون أي تغيير. ولذلك لم يستطع أحد وضع تعريف محدد للملل، باعتباره حالة نفسية يشعر فيها الإنسان بعدم الاستقرار الداخلي، ويفقد القدرة على الاستمتاع بكل ما حوله، ويشعر معها بأن حياته خالية من البهجة.
أعرف أن سطوري تزعجكم، لكنها نابعة من محبة صادقة، فكما أعرف أن وقت بث أغاني فيروز، حين تركنوه، سيجعلكم تبحثون عن مواد وفقرات تليق بتراث العراق، موسيقياً وغنائياً. وربما هذا الحال متعب لكم، أتمنى أن تجربوا وسترون أن نسبة مستمعيكم زادت .