هناك بعض الاعلاميين الذين يدَّعون انهم يعملون على محاربة الفساد ومساعدة المظلومين تحت عنوان ” فاعل خير ” ، والبعض منهم أخذ يعلو اسمه وصوته على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال تقديم تقاريره التي اخذت اتجاهين.. أحدهما مدعوم بالشخصيات الحقيقية التي تعاني من الظلم وهي تتحدث عن نفسها بشكل مباشر، ومدعومة بعض الأحيان بالوثائق والأخرى بدون وثائق بل مجرد طرح كلام يعني بالمعنى العام (شكوى) .
والاتجاه الثاني يدّعي فيه أنّ هناك فساداً بوثائق ورقية غير مدعومة بالشخصيات التي لها علاقة بهذه الوثائق، ولا يُكلّف نفسه بالتحقيق المباشر حسب ما نعرفه كصحفيين وإعلاميين بالتحقيق الاستقصائي الذي يعني بتوفير كافة التفاصيل عن موضوع البحث، وإنما يترك الموضوع إلى عبارة مهلهلة، (حق الرد مكفول ) حيث أن مثل هذه التقارير أو التحقيقات المنقوصة تؤدي إلى فساد آخر إذ تسيء إلى الأشخاص والمسؤولين وتسقّطهم وتُضلّل الرأي العام وتنتشر كالنار في الهشيم، وأنّ إطفاء هذه النار يكون صعباً عندما يقوم المسؤول المُتَّهم بالفساد بالرد على عدم صحة المنسوب اليه، سيكون إعلامه ضعيفاً ولا يصل إلّا إلى فئة قليلة وليس بنفس الأسلوب الذي عرضه هذا الإعلامي .
وهنا نتوقف: هل الأسلوب الذي يمارسه بعض الصحفيين صحيحاً أم خطأً؟ وهل يتوافق مع قانون نقابة الصحفيين الذي نص في المادة ٢٥ على أنه لا يجوز للصحفي .. إثارة غرائز الجمهور بأية وسيلة من وسائل الاثارة التي تتعارض مع الفن الصحفي ومصلحة المجتمع؟ وتضمنت المادة عدم جواز .. مس الحريات الخاصة والعامة التي نصَّ عليها القانون بالوسائل الصحفية ، وتضليل الجمهور بالمعلومات غير الصحيحة وتصوير الوقائع تصويراً غير أمين ، ونشر الوقائع غير المؤكدة ما لم يُشِر الى أنها غير مؤكدة ، بالإضافة إلى النشر المخالف لأدبيات الصحافة وقواعد عملها المهني والتي تحددت في كتابة أو نشر التحقيق أو التقرير الصحفي ومنها جمع كافة المعلومات حول موضوعه عن طريق البحث بالإنترنت أو من خلال المصادر الحقيقية بالذهاب للجهات المختصة والمعنية حول موضوعه لإجراء مقابلات صحفية وأخذ المعلومات اللازمة.
وهناك البعض من الصحفيين من يستغل مهنته بالإساءة إلى الفقراء والمحتاجين أو المعاقين عقلياً لتحقيق غايات غير أخلاقية بأساليب غير مهنية لغرض الربح باستعطاف المسؤولين والميسورين ليتقاسم المعونة معهم أو حبّ الشهرة على حسابهم، ولم يفكر بالنتائج السلبية التي قد تصيب عوائلهم من الإساءة إلى سمعتهم وجعلهم محل حديث الناس، حيث لا يستطيعون الدفاع عن سمعتهم أمام القضاء بسبب جهلهم بالقانون أو عدم توفر الإمكانية المالية لإقامة الدعاوى القضائية أو محاولة النأي بأنفسهم عن المشاكل بسبب حالة الضعف التي يعيشونها. إنّ مثل هذه الإساءات يصعب تصحيحها أو ردّها بعد أن انتشرت وأخذت طريقها على كل مواقع التواصل الاجتماعي، وعبارة “حق الرد مكفول” أصبحت لا قيمة لها حيث يعتقد مُطلقها أنها تحميه من القانون .
وهنا ندعو نقابة الصحفيين والقضاء إلى ردع مثل هؤلاء الاشخاص المحسوبين على الصحافة واستغلالها لتحقيق مآربهم الشخصية من خلال قانون الصحافة الذي منع هذه الأعمال التي لا تمت بصلة إلى الصحافة المهنية ومعاملتها كما تم التعامل مع المحتوى الهابط وإيقافها للحفاظ على كرامة أفراد المجتمع .