ما الذي يدور في أعماق النفس ؟
أحقا هي تأمرنا بفعل السوء ؟ وهل يا ترى بوسعنا مقاومته ؟
إن أمر النفس أمر عجيب فهي قد تحلق أحيانا الى الأعالي حتى ترفرف عليها أجنحة الملائكة وهي أحيانا تهوي إلى أسفل سافلين حتى لتحيط بها الشياطين .
ورغم أننا قد نقف بحزم لمواجهة المغريات الا أننا آخر الأمر نجد أنفسنا ضعفاء حيال هذه المغريات .
إنه الضعف البشري لا حيلة لنا فيه وانها النفس الأمارة بالسوء ، ومع ذلك فإن من أراد الله أن يعصمه أنقذه مما يمكن أن يفتنه وأنار له قلبه ليتحدى عوامل الضعف والهوى والسقوط .
تنتابنا أحيانا عواطف ومشاعر أقرب ما تكون للإنزلاق في طريق خطر ، وهي في الواقع نزوات تدفعنا لارتكاب الأخطاء ، والواقع أن الإنسان في مرحلة مبكرة من عمره تغلب فيه العاطفة على العقل ليقع في هذه الأخطاء ، إنه الضعف الذي ينتابه رغما عنه ولا جدوى من إنكاره .
ألم تراود امرأة العزيز فتاها يوسف عن نفسه إذ همت به وهم بها لولا أن أدركته رحمة الله ، كان يوسف نبيا فعصمه الله .. فكيف بك أنت والشيطان يغريك على فعل السوء ؟
كم من الرجال سقطوا في حبائله وهم يظنون أنهم أقوياء لا قدرة لأحد من اغوائهم فاذا هم يرتكبون نزوات يخجلون منها فيما بعد .
تأمرنا النفس بفعل أشياء ننكرها حينما يصحو العقل ، فمن كان له قلب سليم تحدى ما تأمره به نفسه بالسوء وركل الشيطان بقدميه ،أما من تتلاشى قوته أمام المغريات فيستسلم سريعا لنفسه الأمارة بالسوء .
إنه إمتحان عسير في هذا الصراع الشديد الوطأة على نفوسنا جميعا ، انها اغراءات الثروة والسلطة والأولاد والنساء وغيرها كثير .
فهل نحن في مأمن من كل ما يحيطنا من شرور ؟ هل لدينا الطاقة الجبارة والارادة الرادعة للوقوف أمام هذه التحديات ؟ أم ترانا ضعفاء تلين لها القناة في أبداننا لهوس الشياطين وعبثها ؟
هل تريد أن تعصي أبويك لترضي نفسك الأمارة بالسوء ؟ وهل تريد أن تزني وتسرق وتسفك دم الأبرياء لتشبع طمع وغرور هذه النفس الأمارة بالسوء ؟
أتطيعها هي – النفس الأمارة بالسوء – وتقوض مجتمعا بأسره ؟
لا .. انك حينئذ دخلت في دائرة المحظور وأبحت لذاتك أن تتجاوز حدودها القريبة والبعيدة .
إنك حينئذ سقطت السقطة المريعة وأجهضت كل القوانين والأعراف والقيم .
ترى هل من العدل والإنصاف أن تفعل النفس الأمارة بالسوء كل ما تريد فعله بإستئذان منا وقبول ؟
أليس أحرى بنا أن نوقفها ونحكم عليها الحكم الذي يردعها عن جرائمها قبل أن تحرقنا جميعا !