الإنذار الذي وجهته الحكومة الى المتحدثين الرسميين للوزارات لكي يحسّنوا من أدائهم في سقف زمني أمده ثلاثة أشهر وإلا سيتم تغييرهم، يرى وجهاً واحداً من الحقيقة. هذا الوجه مهم هو تدني المستوى الثقافي واللغوي والدبلوماسي للمتحدثين وجهل اغلبيتهم لتوجهات البرنامج الحكومي المعلن بغض النظر عن تنفيذه الشكلي او الحقيقي، فضلا عن جهل بعضهم بلياقة الأسلوب وطريقة المخاطبة في الزمان والمكان المطلوبين. ومن حق الحكومة ان تزعل على هؤلاء الذين يثردون جنب الماعون غالبا، أو يصمتون صمت القبور في حين انّ قضايا بالغة الخطورة تشتعل في الوزارات التي يمثلونها. والحديث يطول في مواصفات اختيار المتحدثين الرسميين وكيف صنعتهم الصُدف السعيدة، ولا غرابة في ذلك، فالصدف ذاتها حالفت حظوظها السعيدة الذين أكبر منهم في المناصب أضعافاً مضاعفة . ولعل هذا الموضوع يقودنا الى ان معظمهم بحاجة الى اتباع الحكمة التي تقول إن كان كلامكم من فضة فإنّ سكوتكم من ذهب.
لكن الوجه الثاني من الحقيقة هو انّ هؤلاء المتحدثين غالبا من يكونون معبراً ووسيطاً لفظياً إعلامياً ظاهراً للوزير الذي يعود اليه سوء فهم البرنامج الحكومي وسياسة الدولة او سياسة وزارته ذاتها. فالناطقون الرسميون قد يكونون ضحايا، لأنهم واجهة للوزراء، وهم بسوئهم المُشخص تعبير عن سوء أداء الوزراء وتردي مستوياتهم، لكن يبدو انّ هناك مجالاً واسعاً للتذكير بالمثل المصري الشهير، الذي يقول: “مقدرش على الحمار يتشطر على البردعة”، وتضرب الامثال ولا تقاس.
وأصل هذا المثل المصري حكاية وردت في” كليلة ودمنه”، إذ يحكى انه فى إحدى القرى، كان هناك حمار عنيف يستخدمه الناس في التنقل، يؤذي كل من يركب عليه او من يقترب منه احيانا ،وكان الناس كلما أوقع الحمار الأحمق أحدهم محدثًا الإصابات وإتلاف الزاد، انهالوا ضربًا على البردعة، والبردعة هي كالسرج للفرس ،وبعد طول معاناة كانوا يطالبون بضرورة تغيير البردعة، فيتم تغيير البردعة ويمضي الحمار مرة أخرى كعادته في الرفس والعض وطرح الناس على الأرض محدثًا بهم إصابات بالغة ، ويعود الناس أيضاً الى ضرب البردعة من جديد ، ويظل الحمار حراً طليقاً