في عصر أحد الأيام ناداني عريف القلعة الخامسة بسجن بغداد المركزي ،أبو سكينة :

” عمو…جايكم ضيف من نكرة السلمان” .

كان شابا طويل القامة أسمر بلون خاص ظننت أنه أفغاني أو هندي . قدّم نفسه وقال : مظفر النواب .

تسمّرت عيناي بوجهه ، وامتزجت ارتعاشة الفرح بدهشة المفاجأة ، بأمنية كنت أحلم بها وها أنا أراها أمامي حقيقة واقعة !. سحبته اليّ من يمينه وقبلّته..فكانت أطعم من قبلّة حبيبة!. فنحن شباب الجنوب ، بخاصة شباب الشطرة وسوق الشيوخ ، كنا نحمل مظفرا في قلوبنا ، ونتبارى بحفظ قصائده.

كانت سهرتنا في ذلك ” المخزن ” الصغير بالقلعة الخامسة تبدأ منتصف الليل . وسألني ما اذا كنت سمعت أغنية ” أنت عمري ” . ما كان يدري أننا هنا،في القلعة الخامسة بوسط بغداد، كنا معزولين عن العالم!..سوى الشرطة الذين كانوا يأتون لنا بالأخبار والسجائر.

لم أكن سمعت ” أنت عمري ” فقال إنها آخر أغنية لأم كلثوم . وبدأ يعزف..بلسانه كما لو كان أمهر عازف عود !. وانطلق صوته : ” رجعوني عينيك لأيام …” . وجادت العين بالدمع . فصوته الرخيم وبحته الشجية وعزفه المدهش تمنحك فرصة ممتعة لدموع تغسل بها هموم روحك ، فكيف اذا كان الفاشست ذبحوا وطنك وشووا بالنار خيرة أبنائه وأودعوك القلعة الخامسة!

شو اللي ذكرني بيها..وما بعد بالعيون دموع!

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *