لا يبدو الشريط السيمي الاحدث اوبنهايمر بحثا في سيرة ذاتية لعالم كيمياء خرق نواميس الكون دون الاحتفاظ بشي من حككك الضمير الانساني . الضمير الانساني الذي يعاد تعريفة في رحلة الطالب الشيوعي روبرت اوبنهايمر ، في دراسته للكيمياء النظرية ، التي شكلت المعبر الى فهم طبيعة الذرات ومن ثم ردم الهيكل الذي اقامه اينشتاين في تعقب الرياضيات الفلكية ، حيث النظريات العامية تسبح عمياء في عدمية مطلقة. منذ الانتماء الاول يضع الفلم شرطًا لفهم مأساوية العمل العسكري متمثلة في شخصية الضابط الاميركي مات دايمن. والذي يرفض منح العالم روبرت اوبنهايمر تصريحا امنيا ، قد يمنح لابسط الكتاب والجنود، وذلك لتاريخه اليساري وانخراطه او تعاطفه مع الحزب الشيوعي . يبدو الفلم منهاجا وتدويلا لتحقيق تنجزه دوائر المخابرات والمباحث الفيدرالية ، والذي يعد الاهم في تاريخ الولايات المتحدة ، الا انه لا يغفل دور البطولة الانسانية المحدودة التي انتبه اليها العالم اوبنهايمر ، كونه يهوديا ذو اصول المانية ، وكونه قد انجز القنبلة الذرية للتهديد والردع النفسي لدولة اليابان التي رفضت الاذعان لوقف اطلاق النار في الحرب العالمية الثانية ، لكن الرئيس ترومان مدشنا فترته الرئاسية بتاريخ دموي جعل من هيروشيما وناكازاكي مفتاحا لمرحلة التاريخ المعاصر ، وهو المشهد المرعب الذي يعيشه الممثل سيليان ميرفي وبملامحه الهادئة في لحظة تحميل القنبلتين الاشهر في التاريخ تجاه هيروشيما وناكازاكي ، حيث يتم تجاهل الصانع الامهر ، العالم المهموم بالنساء والاضواء واعادة قراءة التاريخ ، ليدلي بقوله الى الرئيس ترومان: احس ان يداي ملطختان بالدماء يا سيدي الرئيس. لكن الرئيس ترومان وبكل وحشية اجاب مساعديه انه منزعج من تصرف اوبنهايمر لانه كان نادما على هلاك افراد من الشعب الياباني ، وهو ذاته اوبنهايمر الذي احتفل بنيل ميدالية الشرف الوطني مرددا، لا اعتقد ان اليابانيين ستعجبهم قنبلتي !!
المردود الاخلاقي كفيل بالعمل العسكري، الذي تكلل بالنجاح وعلى حساب ٢٨٠ الف مدني بالاضافة الى ٤٣ الف جندي ياباني ، وقيل ان العدد اقترب من ٤٠٠ الف ضحية انفا ، بسبب الاشعاعات الكيمياوية ، التي كانت مجرد اخيلة وافكار يدرجها الفلم الشيق في ذاكرة العالم روبرت اوبنهايمر . وقد ابدعت ايميلي بلونت في دور الزوجة المدمنة والشيوعية المتعاطفة التي تبقى وفية لزوجها الثاني روبرت اوبنهايمر ، في حين يعلق نقاد على ان الفلم يخرج عن دائرة السيرة ، ليجسد مرحلة جديدة من مراحل جلد الذات وتقديم مجرمي المجازر الانسانية الى العدالة ومن خلال التفوق السيمي ضمن موسيقى منتقاة برهافة الصدمة الاكبر ، وضمن مختبر كوني للخلاص الروحي او الدمار الشامل .