جاء وزير الخارجية التركي الى بغداد وبحث الملفات المهمة، وهي المياه الذي تهتم به بغداد، والأمن الذي يعني انقرة قبل سواها، كما توجد مسائل التبادل التجاري والتصدير النفطي، وهذا ملف يتحرك بين الأمن والماء.
من دون الدخول في تفاصيل كثيرة، ولو كانت هناك عشرات الزيارات عالية المستوى بين البلدين، فإنّ الملف الأمني ووضع مسلحي حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا هو الذي يحكم القرار التركي في أي ملف وهو ميزان العلاقات الخارجية لتركيا مع العالم، ولن يتحقق أي وضع نهائي في قضية ذات اهتمام مشترك إلا بحسم هذا الملف الأمني المرتبط بأساسيات مصيرية في اعتبارات انقرة. في حين انّ هذا الملف يجري التقاذف به ما بين الأراضي السورية والعراقية، منذ سنوات وعبر أطراف شبه رسمية أو غير رسمية أيضاً، مما يعكر العلاقات مع تركيا.
أعرف انّ هذه السطور القليلة لا تفي في غرض شرح قضية شائكة وكبيرة، لكن هذه هي الخلاصة النهائية، التي ستحكم أي موقف لتركيا إزاء العراق، الذي يحتاجها في التجارة وفي تصدير النفط، وهي تحتاجه في قضية حزب العمال الكردستاني والتعاون الأمني والعسكري قبل ما يسمى بطريق التنمية قيد الانجاز. من هنا تكون اية مناورات في القضايا المتبادلة ذات أثر سيء طويل الأمد على البلدين.
لقد مرّ العراق في ظرف احتلال ثلث أراضيه من تنظيم داعش، وهذا أمر ليس معيبا في حق دولة ذات سيادة ولها جيش وقوات امنية الأكثر إنفاقاً بين دول المنطقة، ولكنه أمر كان مقلقاً ومزعزعاً للثقة لدى دول الجوار ومنها تركيا، التي كانت تراقب كيف استعاد حزب العمال وجوده وبرز كقوة بين القوى المتداولة في العراق في ذلك الوقت الذي أعقب احتلال الموصل في حزيران 2014، وبات الحزب المسلح عنواناً واضحاً في سنجار العراقية ولا يزال، بعد أن كان نشاطه مختفيا بين الجبال العصية.
العراق لديه من المشاكل الداخلية الكثير، وانّ من الحكمة ألا يضيف مشكلة خاصة بدولة أخرى الى مشاكله، حتى لو كان مضطراً الى ذلك ومغلوباً على أمره في فترة استثنائية، ولابدّ من الاستدراك السريع