لم تعد الحكومات المستبدة مخيفة ومرعبة، بل كل ما يحيط بنا هو مرعب ومخيف .
مرعوبون من الموت ، مرعوبون من الوباء ،نخاف من فقدان الوظيفة او فرصة العمل ، نخاف من المستقبل، نخاف رفض فكرة المثليين والمتحولين جنسياً لئلا نتهم باننا ضد الحرية الشخصية ، نخاف من ذكر فلسطين ، نخاف ان نتزوج بفتاة مزيفة الجمال جراء عمليات التجميل ، حتى وصل بنا الخوف الى نشر صورة على الفيسبوك، او التفوه بكلمة أو أسم ما ، ربما يكون صاحب الصورة من المغضوب عليهم عند السيد “روزنبيرغ”، حينها ستقرأ عبارة ” لقد خالفت شروط النشر ” أو “انت محظور ” فتحل الكارثة.
لماذا نخاف وماهو سبب الخوف الذي تسلل لنا خلسة ؟ تحت يافطة حرية الرأي والحرية الشخصية وحقوق الانسان .
اذاً لماذا نخاف وللاجابة عن هذا السؤال يجب ان نقول :
كانت الاجيال التي سبقتنا اقل خوفاً واكثر اطمئناناً واستقراراً منا .
كانت تنتمي للاوطان الحقيقية ، واليوم نحن ننتمي لاوطان افتراضية ، كانوا مواطنين حقيقيين توجههم مصالح وتوجهات اوطانهم ، نحن اليوم موطنون مواقع التواصل والترند، كل منا لديه رقم حساب وكل معلوماتنا الشخصية لدى مواقع التواصل .
كانت تراقبنا سلطة واحدة ، اليوم عشرات السلطات تحصي انفاسنا و تحركاتنا، وتكشف اسرار بيوتنا وتطلع على صورنا الشخصية ، وتخترق خصوصياتنا.
حقاً نحن نعيش تحت سلطة الرعب ،المشكلة اننا لا نعرف شكل السلطة ولا نوعها بالتحديد.
كلما نعرفه هو اننا مراقبون.
كاميرات وهواتف ومواقع تواصل وهكر وهلم جرا .
من منا لا يخشى ان يخترق هاتفه وتسرق معلوماته ، وتفشى اسراره .
من منا لا يتملكه القلق وهو يتحدث بالهاتف بسر ما !!!
زمن زائف ومخيف ، لم يعد جمال الطبيعة كما هو ، ولا جمال النساء ولا حتى الرجال .
هذا الرعب الدائم ولَّد لنا شد عصبي ” سترس” وعدم تركيز ، كنا نحفظ ارقام الهواتف والعناوين عن ظهر قلب واليوم لا يحسن احدنا ان يحفظ رقم هاتفه، لقد عطلت التكنولوجيا الكثير من طاقاتنا وسلبتنا قدرة التفكير ، وهذا الامر جعلنا في غربة روحية ومكانية ، وانفصال تام عن محيطنا لاننا نعيش في عالم افتراضي مخيف .
لقد خلقت التكنولوجيا منظومة اخلاقية جديدة، حطمت كل منظوماتنا الاخلاقية القديمة .
مثلية جنسية في مجتمعاتنا الغارقة بالتناقض و ممثلات اباحيات عربيات وعراقيات يعرضن اعمالهن في التك توك والانستغرام ، دون حياء أو وجل ، وكل ذلك يدخل الى بيوتنا رغم عنا.
وحالة الخوف تسيطر علينا من كل جانب لا ندري كيف نعالج هذا الوضع ، خوف اجتماعي واقتصادي وثقافي .
لم يعد الضابط الاجتماعي هو المسيطر في حركة وتوجهات المجتمع ولا حتى الدين والعائلة والعشيرة ، بل المحرك الاساس هو بريق الحياة الافتراضية و فلسفة الحداثة التي تقول: ” ان سعادة الانسان تكمن في نزوعه نحو المادة ” .
اي لا مكان للروح في عالم الحي كلاس واللگزس والتاخر والفلل الفارهة.
صار حلم الفتاة ان تتزوج رجل غني ولا اعتبارات الحب والود والحياة المحترمة .
لقد وقعنا بين مطبين بين الليبرالية والثيوقراطية، والمطبان اصعب من بعضهما .
وكما يقول الشاعر العربي
كلا الاخوين ضرا….. ولكن شهاب الدين اضر…. من اخيه .