قبل ثلاثة اشهر اتفقت مع جريدة الصباح لكتابة مقال اسبوعي على صفحتها الاخيرة تحت عنوان ( لنقرع الاجراس ) وكان رئيس التحرير وادارته الصحفية في غاية الادب والكرم فاستبشرت. خيرا وهيأت اجراسي لمرحلة احاول فيها ان اقرع الاجراس لتنبيه الناس من الامير الى الغفير لخطر الفساد وعلامات انهيار الدولة. فالصمت لايليق بالشرفاء. وكتبت لرئيس التحرير. انني اتعهد بتحمل كامل المسؤولية القانونية والمهنية والاخلاقية عن اي حرف اكتبه وفكرة اطلقها .. فرد رئيس التحرير بشجاعة ..انا الذي ساتحمل المسؤولية عن كل ما ستنشره.وبدأت اطرق بهدوء وهمس وحين ارتفعت النغمة تدخل مقص الرقيب واعترف انني بدات اتجاوز الخط الاحمر الذي وضعت الشبكة حول نفسها لترضية الحكومة والبرلمان بينما قانون الشبكة يصفها بصوت الشعب الذي لايعلو عليه الا صوت الدستور والقانون.
وسقطت الاجراس حين ارسلت مقالا ( كلا …لتكميم الافواه) فمنع من النشر واعقبته بمقال اخر( باض الديك وعاد مصفى بيجي)ومنع المقال واغلقت بوجهي كل الهواتف ووسائل الاتصال والاعتذار وعرفت ان مسؤولا كبيرا في الشبكة منع المقالين وكان هو من تصدر الدعوة لحرية التعبير في ثورة تشرين… ووصلتني من اصدقاء وغرماء رسائل تشفي ولوم وعتاب ونصائح حكيمة بان اقتدي ببقية الزملاء واحترم سياسات النشر وحراس البوابات واقربهم لي تسال بدهشة( لمن تقرع الاجراس ياهاشم ) وانا بدوري اتسال ايضا بدهشة اذا لم يقرع الصحفي الاجراس في هذه الساعة (الخامسة والعشرون ) فماذا يفعل هل سيمسك الطبل في الليالي الحمر لاصحاب المعالي او انه ينفخ البوق حين تمر مواكب الزعماء والحكام والنواب وذيولهم فهل المطلوب منا معشر الصحفيين ان نكون وعاظ سلاطين ومطبلين على الوحده والتص في حفلات الزيف والتزوير الانتخابي وتلبية طلبات الزبائن على طريقة شارع الهرم والحمرة ( والرقص على الوحدة والنص) وعلى سمفونية سانت ليغو المحاصصة . او المطلوب ان تغني. وندبج الاخبار والمقالات ومقاطع الفديو التي تتحدث عن انجازات الطبقة السياسية التي ظهرت في كروشهم وجيوبهم وحياتهم الخاصة واصبح حافيهم مليارديرا بالدولار وليس الدينار ولم تظهر بعد عقدين من التغيير المزعوم على الشعب الا علامات الظلم والجوع وسياسة التمييز والحرمان من ابسط الخدمات المتوافرة للقطط والكلاب في بلدان افقر من العراق والسماح لهم فقط وبقوة للتعبير عنها بطقوس جلد الذات. مرة اخرى اعود للزمان لارمم برج كلماتي وانصب اجراسي التي قرعتها في الزمان قبل 2003 في فترة جمعنا فيها زميلنا المبدع سعد البزاز في عمان في فترة اطلق عليها ( الربع ساعة الاخيرة ) فانظلقنا نكتب بدون خوف او تردد ونبشر بالحرية والنظام الديمقراطي الرشيد القادم من رحم المعاناة وبعد عشرين عاما نشعر. اليوم بصدق اننا نعيش ايضا اجواء الربع ساعة الاخيرة فمنهم من اختار ان يقرع الاجراس ومنهم من اختار ان يكون بوقا يتنعم بفضلات السلطان….واكرر اخيرا وبصدق وابحث عن جواب لسؤال زميلي بل لسؤال ارنست همنغواي الكاتب الكبير الذي وضعه عنوانا لروايته الشهيرة (لمن تقرع الاجراس )…؟ هل سنقرع الاجراس ام سنركض للانضمام لطابور الحصول على عظمة (مكرمة) من فضلات صاحب المعالي …!؟ فلا خير في لقمة تنتزع منا الحرية والكرامة…! شكرا للزملاء في الزمان رئيس طبعتها الدولية وفي بغداد واخرين غمروا بالمودة صحفي لاجىء يبجث عن ملاذ لكلماته حاربها الدكتاتور واغتالها الديمقراطي المزيف..!