عرض – “حسين الذكر”
كادت ازمة ما عرف – بالسيد نوري المالكي – ان تهدد النظام السياسي العراقي وربما تؤدي الى نشوب حرب داخلية لا يعرف مدى وطبيعة نتائجها الوخيمة .. الا ان المالكي تصرف بحكمة وقرار رجل دولة وتحمل الحيف الذي وقع عليه شخصيا بكامل المسؤولية .. اذ حصلت كتلته على تسعين مقعد برلمانيا متقدما على جميع القوائم الانتخابية الأخرى … فضلا عن كونه حصل بمفرده على ما يقارب مليون صوت وذلك لم يحصل مع أي مرشح قبله ولا بعده في ظاهرة لفتة الأنظار وربما نجحت بتشكيل محور منع ترشيحه لولاية ثالثة .
فيما تم تسمية كل من د . سليم الجبوري رئيسا للبرلمان يوم 15- تموز -2014 وتنصيب د . فؤاد معصوم رئيسا للجمهورية بتاريخ 24 – تموز – 2014 .. حدثت المفاجئة الكبرى مع محاولة تسمية رئيس الوزراء .. التي كان يفترض ان تكون هي الاسهل باعتبار ان كتلة المالكي قد حازت على اعلى الأصوات وفازت بتسعين مقعد وتحالفت مع كتلة شيعية أخرى لتشكيل الكتلة الأكبر فضلا عما حققه المالكي بشخصه متفردا بما يقارب مليون صوت بصورة جعلته الأقرب لسدة رئاسة الوزراء دون منازع .. الا ان الازمة تفجرت علنا وبكل صراحتها المدوية وابعادها الخطيرة حينما أعلنت اطراف محلية ودولية عدة .. بعدم السماح ومعارضتها لتولي المالكي لولاية ثالثة .. فقد وقفت ضده اغلب الأطراف الشيعية سيما التيار الصدري والمجلس الأعلى … كل حسب ظرفه ولاسبابه الخاصة بالرغم ان اغلب الأصوات والكتلة الرافضة لتوليه سدة الحكم لمرة ثالثة كانت تحمله مسؤولية اجتياح داعش لبعض المناطق العراقية وهدره للمال العام .. وقد علق المؤلف د . عبد الله العلياوي على ذلك قائلا : ( لا اعتقد ان السيد المالكي يتحمل مسؤولية اجتياح داعش لبعض المحافظات لانها كانت مؤامرة إقليمية ودولية على العراق كما ان احد من معارض السيد المالكي وهم كثر لم يعرض وثيقة رسمية تثبت ذلك .. فضلا عن تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي قال ان داعش ستستمر مدة اربع سنوات وهو فعلا ما حصل في دليل على تأكيد تلك المؤامرة الدولية .. كذلك السنة كان موقفهم موحد ضد تسميته لما قيل عن استخدامه القوة بفض الاعتصامات في الانبار وبقية المناطق .. اما الكرد فقد رفضوه أيضا لسبب ومشاكل متعددة بين المركز والاقليم .. فيما أبدت ايران رغبتها بتغييره وكذلك الدول الإقليمية الأخرى كان لها ذات التوجه .. اما الورقة التي شكلت أكثر ضغطا على المالكي وسهلت مهمة الطامحين بالرئاسة والحالمين بها … برغم اخفاقهم الكبير في الانتخابات . فقد تمثلت براي المرجعية الرشيدة في النجف الاشرف وان لم تظهره بتصريح رسمي علني ولم تذكره بالاسم … الا ان اغلب الكتل سيما الشيعية منها استندت على توصية المرجعية في تسمية شخصية مقبولة من جميع الأطراف السياسية .. وذاك ما عده البعض ابعادا واضحا للسيد نوري المالكي .. ) .. يضيف الدكتور علياوي بهذا الشأن قائلا : ( لقد سالت السيد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم عن أي كتاب رسمي او توصية قد وصلتك من قبل المرجعية بخصوص ابعاد المالكي ، فاكد بانه لم يتسلم أي كتاب ولا أي توصية لا من قريب ولا بعيد .. الا انه أشار الى ان اغلب زعماء الكتل الشيعية والشخصيات القوية والنفاذة فيها كانوا يأتوه ويؤكدون له ان المرجعية توصي بشخصية مقبولة من قبل جميع الأطراف وذلك يعني ضمنا تغيير المالكي بعد ان تشكلت ضده جبهة داخلية وخارجية كبيرة وقوية وبمواقف علنية صريحة أصبحت فيها مهمة تكليفه من قبل السيد رئيس الجمهورية صعبة ومعقدة جدا فرضت البحث عن حلول أخرى لمصلحة البلاد العليا .. كما سالته عن توصية السيد مسعود البرزاني في هذا الاتجاه فاجاب بالنفي قائلا : ( ان البرازني لم يكلفه ابدا في ذلك .. ) .. يضيف د . عبد الله العلياوي مؤلف الكتاب انه توجه الى السيد مسعود برزاني زعيم الحزب الوطني الكردستاني وساله شخصيا فيما يتعلق برغبته او توصيته بابعاد المالكي فقال : (اننا نختلف ولدينا مشاكل مع المركز فيما يخص ميزانية الإقليم الا اننا لا نتدخل اطلاقا بشؤون الكتل السياسية الأخرى وانه يكن الاحترام التام للمالكي لانه لم يستخدم القوة في التعامل مع الاكراد يوما ..) .
صحيح ان الكثير من قيادات دولة القانون ووجوه حزب الدعوة كانوا يطمحون برئاسة الوزراء سيما وان كتلتهم هي الفائزة .. الا انهم لم يقدموا على هذه الخطوة خشية من المالكي واحتراما لشخصيته وقوته النافذة بينهم . وذلك ما أتاح الفرصة الذهبية لاطراف أخرى طامحة منذ سنوات طويلة لبلوغ سدة رئاسة الوزراء ومنهم : ( أولا.. السيد د . عادل عبد المهدي الذي كان يطمح ومرشح لها منذ 2006 أيام رئاسة السيد إبراهيم الجعفري .. والثاني الدكتور احمد الجلبي الذي لم يحصل على تاييد الكتل الشيعية برغم كفائته ويعتقد الكاتب انه ظلم من قبلهم .. والثالث السيد هادي العامري رئيس منظمة بدر الذي طرح اسمه بالاعلام كثيرا على أساس انه يمتلك مقبولية من الأوساط الشيعية ومقرب من ايران لكن حظوظه لم تكن قوية في تولي رئاسة الوزراء .. والرابع السيد د حسين الشهرستاني صاحب شهرة كبيرة لحيازته على شهادة عليا بعلم الذرة ويقال انه مقرب من المرجعية الا ان ادائه السابق وعلاقته السيئة بالكرد لم تمكنه من نيل طموحه .. الخامس السيد بيان جبر الذي كان دائما يطرح كمرشح تسوية وبديلا للمالكي الا انه لم يحز على التاييد الكافي لشغل المنصب . السادس طارق نجم مدير مكتب المالكي الذي كان يحظى بالكثير من المقبولية وقد قبل المالكي بطرح اسمه آخر المطاف كمرشح للوزارة .. الا انه على حين غرة سافر خارج العراق واغلق جميع موبايلاته – على ما يبدو – احتراما وهيبة من منافسة السيد المالكي اذ شغل نجم منصب مدير مكتبه خلال سنوات خلت .. سابعا وأخيرا د . حيدر العبادي الذي يعد من قيادات حزب الدعوة وقد تولى مناصب ومسؤوليات عدة في الحكم قبل ذلك وكان يرغب ويطمح في تولي رئاسة الوزراء وحينما اشتد الخلاف في قوى التحالف الوطني بسبب ازمة المالكي ومع ضغوط الملف برمته وتدارك الوقت وخشية التداعيات وفيما لم يتمكن الجعفري من الاتصال بطارق نجم تم طرح اسم حيدر العبادي على الرئيس معصوم الذي قبله بلا تردد .. وبدات مراسيم تشكيل حكومته بيسر وسرعة تهم جميع الأطراف .. وقد استلم التكليف من القصر الرئاسي وعاد لمقره تحت حماية قوة خاصة من الرئاسة .. بعد ان سرت اشاعات ان السيد المالكي سيقود انقلاب مضاد بسبب خسرانه منصبه .. الا ان العملية تمت بهدوء وقد كتب العلياوي قائلا في ذلك انه سال المالكي عن حقيقة الانقلاب المزعوم ، حيث قال له : ( انه قبل يوم من تكليف العبادي كان المالكي قد اتصل بجميع قيادات الجيش والشرطة وطلب منهم عدم التدخل اطلاقا بالشان السياسي وعليهم الاهتمام بواجباتهم لحماية البلد والامن الداخلي وضمان سلامة الأهالي . )