كتاب لنا صدر قبل عامين ، أردنا فيه أن نشرح بلغة علم السياسة ، أن العراق مر منذ تأسيس دولته الحديثة وطيلة قرن بأربعة تمظهرات لهذه الدولة ، هي اولا .. دولة العشيرة ،،1921–1958 حيت تحالفت الملكية وشيوخ العشائر من الاقطاعيين وجنرالات الدولة العثمانية ليشكلوا نواة الحكم الجديد الذي ترك الفقر على أوجه في أوساط الفلاحين والعمال ، حتى بات 80 بالمئة من الأراضي الزراعية بيد الاقطاعيين ليلة الرابع عشر من تموز ، لتقوم ثانيا ،، دولة العسكر للفترة من عام .1958–1968. حيث تحولت السلطة ليد رجال الثكنة العسكرية وصار وزير المعارف جنرالا واللواء صالح زكي توفيق مديرا عاما للسكك الحديدية ، وفي العهد العارفي تبادل الجنرالات العيارات النارية ، وانقلب الجنرال الطيار عارف عبد الرزاق ،، وهو رئيسا للوزراء تارة على المشير عبد السلام عارف وتارة على أخيه الجنرال عبد الرحمن عارف ، وطيلة عشرة سنوات لم ينال العراق أي تقدم يذكر حتى أطاح البعثيون بحكم الجنرال عبد الرحمن ، ليببدأ ثالثا عصر دولة المنظمة السرية للفترة من 1968-2003 تلك الخارجة من سراديب وإوكار البعث المتمثلة بمنظمة حنين التي ركبت الدولة ومؤسساتها وصار عندها العريف جنرالا ، أو سائق السيارة وزيرا ، وتم لاول مرة في العراق ترويض الجيش وجعله تابعا لأساليب المنظمة السرية ، وبحكم سلطة القــائد الضرورة تم توريط العراق في حروب كانت نهاياتها الاحتلال ، لتبدأ للفترة 2003 لغاية تاريخه عصر الدولة العميقة، التي تولاها الاسلام السياسي ليهدم الدولة الرسمية ليقيم بدلاعنها دولته المتوارية على عكس دولة المنظمة السرية التي قوت الدولة الرسمية وتمترست خلفها لتحـــــــقيق أهدافها ، وللحقيقة أن اسوأ فترة مر بها العراق هي فترة فساد الدولة الإسلامية العميقة .
اردنا مما تقدم أن نقول إن حالة الفقر لم تكن على جدول دولة معتمر العگال عند دولة العشيرة أو لدى معتمر البيرية في دولة العسكر ولا عند صاحب الكاسكيتة في دولة البعث ، أو لدى معتمر العمامة في الدولة العميقة ، لذا فإن المواطن بعد قرن وفي عام 2019 ثار مناديا بالدولة المدنية ، تلك التي يغيب عنها الاقطاعي والعسكري والحزبي الشمولي والمعمم السياسي ، لينطلق فيها دور المواطن الكفؤ ، المواطن الذي يعتمر في رأسه خطط التنمية والبناء ، أو الذي يؤمن بان بلده لايستقر ولا يستقيم إلا في ظل جمهورية العراق المدنية .