تواجه واشنطن طموح الصين في طريق الحرير او مبادرة الحزام والطريق بنموذج جديد من الطرق ما بين اقتصاد الهند الناهض نحو أوربا من خلال قواعد الحماية البحرية الأمريكية من بحر الهند ثم بحر العرب فسلطنة عمان وصولا الى إسرائيل ومصر مخترقة السعودية ثم البحر المتوسط لتصل الى اليونان ثم بقية دول القارة العجوز .
السؤال الاهم ..لماذا تولي مجموعة العشرين الاقتصادية رعاية هذا الطريق الجديد ..واين حقيقة استثمار موقع العراق المركزي في الشرق الأوسط الكبير؟؟
الاجابة على هذا السؤال الصعب تحتاج دراية وفهم لعملية ادارة الحلول وذرائعية الرد في العقل الاستراتيجي الامريكي ..وفق الاتي :
اولا : ليست السياسات الأمريكية وليدة الصدفة او ردود الافعال بل نتاج مؤسسات دولة مهمتها ابقاء الهيمنة الأمريكية في ادارة المجلس الأعلى للشركات متعددة الجنسيات على مستوى العالم كله .. التي يوصف الرئيس الامريكي بكونه الرئيس الفخري لها.
ثانيا : ايضا هذه السياسات ليست مخفية على اي طرف بل منشورة في برامج بحثية ابرزها القرن الامريكي الجدبد ..مشروع الشرق الأوسط الكبير وسياسات الاحتواء .. تمويل هذه المشاريع البحثية رسميا من مجلس الأمن القومي الأمريكي او البنتاغون او الكونغرس.. فيما لم تظهر في الافق المنظور عربيا غير مبادرة السعودية لرؤية ٢٠٣٠ .. او تطبيقات الاقتصاد الإيراني المقاوم كردود اقليمية تتعارض او تتناغم مع هذه البرامج ولعل ابرزها مشروع الشرق الاوسط الكبير.
ثالثا ،: حسابات واشنطن في الربح والخسارة انما قائمة على تعظيم الأرباح وتقليص الخسارة لذلك تمتلك مرونة تعديل سياسات تنفيذ صفحات مثل هذه الاستراتيجيات حسب الظرف الزماني والمكاني …ويمكن ملاحظة اعادة مراجعة شاملة ما بين ٥-١٠ سنوات لاحداث التغيير وتنفيذ البدائل الكفيلة بالخروج من مأزق الخسائر نحو سباق الأرباح.
في الشق الثاني من السؤال عن موقع العراق في مؤشر مدركات استثمار الموقع الجغرافي..يجعل من المفيد التذكير بكلمات الجنرال ويفل قائد الجيوش البريطانية في الحرب العالمية الثانية الذي وصف العراق يكونه ( صرة العالم ) هذا الوصف الذي حوله نوري السعيد الى حلف بغداد بقيادة بريطانية صريحة .
السؤال المقابل .. كيف يمكن ادارة الحلول الفضلى عراقيا في خضم هذا التنافس الدولي وهو يواجه استحقاقات كبرى اقتصادية ومجتمعية؟؟
من وجهة نظر متواضعة يمكن القول :
اولا : لم تظهر استراتيجية دولة وطنية عراقية كي تتعامل مع أي متغير دولي او اقليمي ..لان الاحتلال الامريكي فطن الى ان شركائه الإقليميين والمحليين غادروا اتفاق لندن بين احزاب المعارضة العراقية حينها ومن بعدها ترجمة ذات الاتفاقات في مجلس الحكم مع الحاكم المدني بول بريمر في تعريف العدو والصديق.. هذه المعضلة الأساسية في نظام المكونات الطائفية والقومية لامراء الطوائف السياسية… جعلت واشنطن تحد من خسائرها المباشرة وتركت العراق تحت سكاكين النفوذ الإقليمي.. من جهات حدوده الاربعة …
بعد فشل مشروع بايدن في تكوين تحالف ثلاثي بين كيانات سياسية أقل من دولة واكثر من اقليم.. وفق الفهم الذي صورته احزاب المعارضة العراقية امام مراكز التفكير الأمريكية لاسيما تلك التي لها علاقة مباشرة بمشروع الشرق الأوسط الكبير…وبعد احتلال العراق وجد الكثير من اعضاء الكونغرس ومنهم الرئيس بايدن في زيارتهم للعراق- المحرر- ان ما تعهدت به تلك الاحزاب يتناقض مع واقع سلوكها على الأرض..هكذا تحولت مواقف الاستراتيجية الأمريكية من وضع العراق كاولوية في مشروع الشرق الاوسط الكبير الى قاعدة خلفية لضمان عدم تعرض خططها في المنطقة لمخاطر اقليمية من طرف إيران الثورة وليس الدولة .!! او من اي طرف اخر في سياق العودة الى سياسات الاحتواء بدلا من الاحتلال المباشر.
ثانيا : هناك خطأ متهجي في التفكير لبعض الزعماء السياسيين المرتبطين بالجماعات المسلحة الإيرانية في العراق.. .. لاسيما بعد حادثة اغتيال الشهيد المهندس في حادثة المطار .. وتكرر ذلك في عدم السماح للمصارف المرتبطة بذات الاتجاه الإيراني من التعامل بالدولار ..وربما هناك قرارات امريكية اخرى ضمن ذات الاتجاه.. ..
لكن ..
ردود افعال ذات الاتجاه السياسي العراقي .. جعل الكثير من مراكز التفكير الأمريكية تؤكد في ذكرى مرور عقدين على الغزو الأمريكي للعراق .. انها انتجت نظام لصوصية بعنوان المحاصصة وثقافة المكونات .. وهذا يعني عدم ائتمان واشنطن لهذا النظام في أولويات مشروع الشرق الاوسط الكبير ..فيما لم تنجح ذات القوى السياسية من اختيار الصين للعراق وميناء الفاو كأحد مرتكزات طريق الحرير في مبادرة الحزام والطريق …فطرق العراق في رد فعل مستعجل مشروع طريق التنمية..وفيه نقاط ملتهبة تحتاج الى حلول عراقية تبدا بالمشاكل بين بغداد واربيل والموقف التركي والايراني منها ..دون اغفال ردود الافعال الكويتية على قرار المحكمة الاتحادية بإلاعتراض على اتفاقية خور عبد الله.
ثالثا : فقدان العراق شروط الاهلية الدولية لاستثمار موقعه الجغرافي في مشاريع خطوط نقل استراتيجية يتطلب اعادة تقييم وتقويم استراتيجي ..ما زالت الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم عاجزة عن الاتيان به ..ابرز مظاهر العجز عدم الالتزام بالاتفاق السياسي لتشكيل حكومة تحالف إدارة الدولة ومن قبله اتفاق اربيل في حكومة السيد المالكي الثانية .. وحقيقة توفير شروط تأهيل العراق للعودة ال أولويات الاهتمام الامريكي وشركائها متمثلين في الشركات متعددة الجنسيات ..بما في ذلك الشركات الصينية او الهندية او النمور الاسيوية ..يتطلب موافقة امريكية ما زالت تتسيد الموقف ولا توجد اي شركة دولية كبرى متعددة الجنسيات خارج صندوق ادارة واشنطن … نعم هناك رغبات بعالم متعدد الأقطاب لكن ما زال النمر الامريكي وحده في مخزن الخزف الصيني..!!
رابعا : سياسات المناورة واعتبار ان الاحتلال الامريكي وشركاه الإقليميين والمحليين من الممكن أن يجدوا الطريق الثالث لإخراج العراق من ازمة نظامه السياسي مجرد مزحة سمجة ..فالقطار الامريكي انطلق في احتلال العراق واعتبره أولوية لم تستطع الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم توظيفه في ارتقاء الأفضلية الاقتصادية اقليميا ..بل الأردن لها أولوية اكبر من العراق في مشروع الشرق الاوسط الكبير ..واستمرار المناورة العراقية الفاشلة في تحديد مفهوم واضح وصريح للعدو والصديق.. سيجعل خسائره تزايد ولن تقل .
هذا غيض من غيض الاجابة لعلها تكون حروف من ثلج على نقاط طرق النقل الاستراتيجية الملتهبة بما يقلل من خسائر العراق ..ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!!