بالنسبة لي يشكل الخريف فصلا مزعجا بعض الشيء,ليس لاني مصاب كاكثر العراقيين بحساسية تنشط في هذا الفصل,لكن في هذا فصل تتفجر ذاكرتي كبركان لاعادة صور ومواقف تترك في داخلي حزنا غريبا.تستمر هذه الحالة عندي بحيث لا اعرف كيف اتخلص منها.

هذا الخريف وقبل ايام قليلة حدث شيء زاد من فوران ذاكرتي كثيرا وهو حضوري جلسة حوارية في بيت الحكمة عن الترجمة الابداعية,كان الدكتور المترجم بسام البزاز ضيفا فيها,وكان الدكتور رضا الموسوي هو من ادار الحوار مع الدكتور الفاضل.

بعد خروجنا من الجلسة ذهبنا انا والدكتور بسام البزاز الى دار الكتب والوثائق لانهاء عمل ضروري,وبعد الانتهاء عدنا سيرا الى باب المعظم.في تلك الاثناء كنت انظر الى استاذي الدكتور بسام البزاز نظرات خاطفة,وانا اتذكر اعواما مضت حين كان يدرسنا في الكلية.كانت ذاكرتي تغلي,وبين الحين والاخر كان يتمتم بجملة,او يعلق بهدوء كعادته.وحين اقتربنا من التقاطع الرئيس في باب المعظم اشار الدكتور الى جسر باب المعظم منوها الى ان ماريو فارغاس يوسا وقف على جسر المشاة قبل ان يهدم هو وابنته التي كانت تصور حركة الناس اسفل الجسر,وكان الدكتور البزاز قد رافق الكاتب المشهور يوسا في رحلة بعد تغيير النظام,وكتب عن رحلته هذه كتابا لم يترجم حتى الان.

لا اعرف لماذا شعرت بحزن ملك مخلوع عن عرشه بعد تذكري للجسر الحديدي الذي تزل ,وكنا نصعده للتخلص من زحام الشارع المزعج.وحين افترقنا استدرت ونظرت الى الدكتور الذي كان يبتعد هو وابنه صديقي الجديد.كانت ذاكرتي تعذبني.

كم مرة يلتقي الانسان بشخص له هذا الحضور والصدق والطيبة.اتساءل دائما,وهل هناك اساتذة يتمتعون بهذه البساطة والصدق الذي يشبه الذهب الخالص..اتساءل عن طاقة وعطائ استاذي الذي سيغادر بعد ايام عائدا للجزائر..؟

لو كانت لدي طاقة استثنائية لغيرت حوادث التاريخ,ولقمت بتغيير مواقع الرجال,وتوزريعهم على العصور حسب ذوقي.ساحرك يدي لنقل الدكتور البزاز الى عصر المامون ودمجه في كادر بيت الحكمة مع المترجمين المشهورين انذاك.ربما في ظل شغف معرفي لدى المامون سيجد البزاز من ينصفه.

اقول هذا وانا اوجه كلامي لمن يهمه الامر.واعني ان البزاز يستحق التقدير لجهوده وعطائه,وهو عطاء يعلمنا كيف نقرأ ونتمتع.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *