-1-
قد يُطلق مَنْ لا يتسم بالمواصفات العالية في مضمار الأخلاق والسلوك كلاماً جميلاً يدخل في باب العظات النافعة، ويأخذ بيد مَنْ يتأثر به الى حيث يرفعه شأنا وعملاً .
وهذا هو المُعطى المفهوم ايضا من قولهم (الحكمة ضالة المؤمن) فالمهم هو ما تنطوي عليه الكلمات من معاني الدفع والحث والتشجيع على إثراء الرصيد الشخصي بالناصع والنافع من الأقوال والاعمال .
-2-
ومن أبرز الأمثلة على ذلك قول الأخطل :
واذا افتقرتَ الى الذخائِر لم تَجِدْ
ذُخْرَاً يكونُ كصالحِ الأعمالِ
ان ( الذخائر ) يفهمها الدنيويون على أنها الأموال التي يدخرونها لمواجهة الأزمات والمشكلات والتحديات في حياتهم المستقبلية،
ويفهمها أصحاب العقل الراجح ، والوعي والنضوج فضلا عن ذوي الالتزام بأهداب الدين والاخلاق على انها المنجزات والمشاريع التي تثقل ميزان حسناتهم يوم الحساب .
وهنا يبدو الفارق الكبير بين الفريقين :
الفريق الدنيوي الذي يتفرغ للدنيا ولا يحصل منها الاّ على النزر اليسير،
وبين العاملين في مضمار النفع العام والبر والاحسان والمعروف – وبكل جد واخلاص وصدق –
وقد يكون عمل واحد من تلك الاعمال سببا لدخولهم الجنة خالدين فيها. فلا ينبغي للمؤمن أنْ يزهد في العمل الصالح مهما كان صغيرا وبسيطا فرضا الله ليس بحجم الاعمال وانما هو منوط بالصدق والاخلاص والنية الحسنة ، واذا ما رضي الله عنه كانت المكافأة عليه كبيرة وعظيمة للغاية
وهل هناك أثمن من الخلود في الجنان ؟
-3-
وقد يحاول رجل بسيط أنْ يعكس اعتزازه بهويته العقائدية وانتمائه الى أمة النبيّ المصطفى المختار (ص) فتأتي كلماته نديةً عذبة وان لم تكن بالمستوى العالي من السبك والصياغات المتميزة .
اسمع ما قاله هذا المسلم المعتز بدينه وعقيدته ونيته ؟ قال :
ومما زادني شَرَفاً وتِيهاً
فكدتُ بأخمصي أطأُ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي
وأنْ صيّرتَ أحمدَ لي نبيّا
انه يفخر بعبوديته لله التي حررته من كل العبوديات الزائفة ، فلم يكن عبداً لمال ولا لجاه ولا لجنسٍ ولا لمنصب ولا لاي عرض دنيوي آخر .
ويفخر بأنْ مَنَّ الله عليه بالحبيب المصطفى نبْيا أخرجه من الظلمات الى النور وأنار حياته بأروع المناهج .