خرج من انياب الفقر عباقرة وعلماء ومبدعون ، كانوا أعزاء ، أغنياء النفوس ، أين منهم ، اغنياء العالم الذين يملكون الملايين والمليارات ، والاثرياء الذين إغتنوا بطرق غير مشروعة …
وكان الفقر رغم قساوته على من طرق بابه ايام زمان لكنه لم يسحق كبرياءه وارادته .
وغنى الناس بالامس ، يكمن في الرضا والقناعة ، وراحة البال ، والعيش في توازن وسلام داخلي وعافية في الخلق والصحة .. اجساد تقهر المرض والفقر ، وارواح تخاف الله .. عصية على فعل الشر ، وعقول راجحة ، تحب الخير و ترفض النقيصة وتستهويها روح التعاون والايثار والمحبة ومد يد العون لمن هو في حاجة وان لم يظهرها ..
تراه اذا ما جئته متهللا
كانك تعطيه الذي أنت سائله
ولو لم يكن في كفه غير نفسه
لجاد بها فليتق الله سائله
كان الناس على فقرهم ينامون مرتاحي البال ، بلا مهدئات ، ولا يتقلبون على الفراش ، فريسة الأرق والخوف ، وشعارهم الصدق والامانة ، وكلامهم عهد وميثاق شرف ، لا يحتاج الى وثائق وتواقيع وكفالة ومحاكم وشهود .. يعيشون يومهم بحالة مطمئنة وغدهم يتكفله الله .. أبوابهم مفتوحة الى الصباح ، لان الحرامي كان يخاف من الفضيحة ، ولذلك كان لا يسرق أهله ، لانه يعتبر كل سكان المحلة أهله ، وياويله لو تجاسر وفعل شيئا من ذلك في محلته ، فاللعنة لا تطارده وحده فقط ،بل وتلحق احفاده ايضا ،لذلك كان الحرامية معدودين ومعروفين في المحلة والسرقات قليلة وتكتشف بسرعة.
الفاسد اليوم يسرق في وضح النهار ، مع وجود مؤسسات لمحاربة الفساد ، ورأي عام وأعلام وفضاء وقضاء يفضح اللصوص ..وثائق.. واسماء .. وقصص .. وروايات تنشر عن الفساد والمفسدين ، في الفضائيات والتواصل الاجتماعي والصحف ، وكأن الامرلا يعني تلك الاسماء ، ولا يندى جبينها ، او تخشى على سمعتها وعائلتها .
لا يمكن أن يقاس الحال مطلقا مع ما عليه اليوم من العدة والعدد للاجهزة الامنية والرقابية مع الامس ويتذكر العراقيون وخاصة كبار السن كيف كان الأمن والقانون والانضباط يبسط ظله على المدينة بمركز شرطة بسيط قوامه بضعة افراد من الشرطة ، وعدته بضع بنادق قديمة ، وحصان لتنقل الشرطة ، الى القرى التي تتبع تلك المدينة ..
خذوا اللابتوب ، والفيسبوك ، والتويتر، والانترنيت ،والفضائيات ،وشبكة التواصل الاجتماعي ، لكي نريح عيوننا وعقولنا واسماعنا وأطفالنا ، مما نقرأ ونشاهد ونسمع من حوادث وجرائم اسرية وانسانية يندى لها الجبين .. قتل واغتصاب وحالات مروعة لا تمت الى الاخلاق بصلة ولا الى الانسانية والدين بسبيل ..
ما ذنب اطفالنا وهم يسمعون أو يرون هذه ( الملوثات ) الاخلاقية الغريبة امامهم تتناقلها الاخبار والافلام .. وقد اكدت الدراسات العلمية ان الاخبار السيئة تضر بالصحة النفسية والعقلية والجسدية للانسان فما بالك بالاطفال ؟!! ..
خذوها هذه الوسائل الحديثة كلها واعطونا بدلها جهازراديو أيام زمان (ابو اللمبات ) الخشبي ، وتلك البساطة الجميلة والعلاقة الحميمة والاخلاق اللطيفة و راحة البال حتى مع عسر الحال.
كلام مفيد :
كن بسيطا فان البساطة بذاتها جمال