من المعلوم أنه حينما نتكلم عن الاستبداد، فإن اللفظ ينصرف تلقائيا إلى نوع من الحكم الذي يرتكز على احتكار السلطة في يد واحدة، حيث لا فصل بين السلطات ولا معارضة حقيقية ولا إعلام حر ومستقل ولا مجتمع مدني قوي, وكل ما هنالك قائد ملهم وزعيم أوحد وهو أبو الجميع، وتعد الأجهزة الأمنية والمخابراتية في هذه الحالة الوسيلة المثلى لبسط الحكم ومراقبة أحوال البلاد والعباد، وعلى هامشها نجد أحزابا ضعيفة سواء الحاكمة منها أو المعارضة، توظفها السلطة لتسويق وهم التعددية السياسية والتداول السلمي على السلطة، بالإضافة إلى مجتمع مدني تابع خاضع وإعلام مأجور أو في أحسن الأحوال محاصر مقهور، وكل من سولت له نفسه شق عصا الطاعة وخرق قواعد اللعبة فإنه يعرض نفسه لغضب الحاكم وعقابه
إنسان العالم المتخلف يولد مصادفة أو لرغبة مجتمعية بائسة, يقضي حياته ضحية لعادات وتقاليد وأهواء من حوله، مستلب الإرادة يخجل أن يعيش لذاته وبذاته، مهدور الكرامة منتقص الحقوق والحريات في ظل سيطرة استبدادية مقيدة لتطلعاته واحتياجاته؛ فيمارس بدوره الراغم لأفكاره وطموحاته على التكيف مع سلطوية المستبد القامع لثوريته مما يصور لذاته واقعا آخر يحاول أن يعيشه في رضوخ تام دون مسالة أو تذمر، وما يخشاه من بلاء قد يصيبه يوكله إلى أدعيته التي يخيل إليه أنها السد أمام طوفان المرض والأوبئة ونائبات الدهر.
خطاب اخلاقي
كذلك يجد الإنسان المقهور ارتكاب الخطايا الأخلاقية البغيضة (الكذب، النفاق، التملق، الارتشاء، المحسوبية، الحسد، كره كل من لا ينتمي لجماعته) أسلوبا ومنهج حياة ليتكيف مع عدم إمكانية تحقيق المساواة بين ما يكسبه وبين ما ينفقه في ظل غياب الرعاية الصحية والتعليم والضمان الاجتماعي .
كثير هم الطارئون المأجورين على الصحافة ومن دخلوا دهاليزها في غفلة من الزمان ، ظنا من هؤلاء انهم يمكن ان يستفيدوا من عالم الأضواء الذي توفره السلطة الرابعة لـ (البعض) في الظهور ، ليستغلها لخدمة أغراضه الشخصية، وربما ليكون ( عبدا مأجورا ) لخدمة جهة خارجية تريد (تجنيد) الآخرين ليكونوا أحد أبواقها المهمة في العراق، وأمثلة من هذا النوع ازدادتا هذه الأيام، لكن لعبتهم ( انكشفت) أمام الرأي العام العراقي وعرفت أساليب تضليلهم وخدعاهم الا تبا للأقلام المأجورة، وتبا لمن يستغل عقول السذج والبسطاء عله يكون بمقدوره تأجيج حقدهم الى اتجاهات اخرى، لمجرد ان يكون له رقم في الانتخابات المقبلة ومنهم هذا الذي تحدثنا عنه ..وقد سقط الكثيرون في وحل اللعبة الانتخابية المبكرة، وبانت اوراقهم ، ولم يعد لهم من رصيد، ولن يقبضوا سوى لعنة الجمهور الذي يرفض ان يكون وقودا لحطب الطائفية البغيض، وعلى من يرتضي السقوط في المستنقع الطائفي ان يدرك ان لعبته الخطرة ستكلفه الكثير هذه المرة، بعد ان ينقلب السحر على الساحر، والله متم نوره ولو كره الكافرون.