– 1 –
الزهد من أروع السمات وأعظمها أهمية في حياة الفرد والمجتمع ، ذلك أنّ أصحاب الزهد ليسوا ممن يمارس الخديعة والاحتيال والغش في تعاملاتهم مع الناس ، كما أنهم يتجنبون الاساءة ويبتعدون عن كل ألوان العدوان .
– 2 –
والزهد صفة نادرة فما أَقَلّْ الزاهدين الذين يستحقون الثناء والتقدير والتجلة حيث استطاعوا أن ينتصروا على ذواتهم، ويكبحوا جماح رغائبهم المحمومة لتكون المحصلة النهائية النقاء والسلامة من الأدران.
– 3 –
وحقيقة الزهد – كما وضحّتْها أحاديثُ أهلِ البيت عليهم السلام – هي :
( ان لا يملَككَ شيءٌ وليس أنْ لا تملِكَ شيئا )
من هنا :
فقد تجد الفقير فقراً مُدْقعاً ولكنه ليس بزاهد ، لأنه يركض وراء المال ولا يهمه مصدر هذا المال ،
وقد تجد ( الغنيّ ) المليء صاحب الثروة الضخمة وهو يتسم بالزهد ، لانه كف نفسه عن الوقوع في الأفخاخ الشيطانية .
انّ الرغبة في تسنم المناصب أوقعت الكثير من أصحابها فرائس للاذلال والاستغلال فقد يُمنحون المناصب ولكنها مشروطة بشروط مُذلة صعبة تلزمهم بالكثير من الانحناءات وتوقعهم في الكثير من المنعرجات والمواخذات .
– 4 –
والآن :
وبعد ان عرفنا حقيقة الزهد يثور التساؤل عن مَنْ هو أزهد الناس ؟
وعن هذا السؤال يجيبنا الامام الحسن العسكري ( عليه السلام ) فيقول :
( أزهد الناس مَنْ ترك الحرام )
موسوعة أهل البيت ج18 ص 143
وهذا يعني أنّ الامام العسكري ( عليه السلام ) قد رسم لنا بهذا الجواب خريطة الطريق للوصول الى مرافئ تلك الصفة العظيمة .
لقد خلق الله الطيبات وأحلها للناس ولم يَحْرْم منها أحداً والزاهدون هم أيضا ينعمون بما حلّل الله لهم من المتع والَلذائذ والطيبات، والى جانب (الطيبات) هناك ( الخبائث) التي حرّمها الله على عباده، وصرعى الاغراءات الشيطانية يحومون حولها ويتهافتون عليها في حين يُعرض عنها الزاهدون ولا يقارفها أزهدهم على الاطلاق .