يبدو الخط الفاصل بين القلق والاطمئنان معدوماً، في زمن الحرب خاصة، وهذا الوصف ينطبق على زيارة وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن الثانية الى منطقة الشرق الأوسط، اذ يظهر انّ المراقب بات يقلق حقاً، وهو يرى انّ زيارة الوزير الامريكي الى تل ابيب لا تحمل جديدا، وانّ ذهابه الى عمان بعدها ليلتقي وزراء ست دول عربية جاءوا خصيصا للقائه بشأن حرب غزة قد يوحي بأنّ هناك ترهلا في الأداء يجعل من حرب غزة مفتوحة ومحل نقاشات غير مجدية مع اطراف عربية تجاوزتها حرب غزة، حتى تصل إسرائيل الى قناعة بأنها بلغت الأهداف التي ترضيها لتغطية الهزيمة النكراء والمذلة في السابع من أكتوبر.
العرب الذين جاءوا للاجتماع مع بلينكن، لا يقدمون ولا يؤخرون في معادلات الحرب التي لم تهمد في القطاع الاكثر كثافة سكانية في العالم. من الصعب التفاؤل بإمكانية اية دولة عربية تقيم علاقة مع تل أبيب على التأثير في مجريات الأوضاع بما يدفع الى الوصول الى وقف القصف الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة.
واقع الحال، وبصورة موضوعية يجعل المراقب ان يقول بوضوح انّ دولة قطر لها أكبر الحظوظ في حصول اية صفقة لوقف هذه الحرب التي قتلت أربعة آلاف طفل بمعدل فاق النسبة ذاتها من الضحايا الاطفال في الاسابيع الثلاثة الأولى من وقوع الحرب العالمية الثانية في القرن الماضي بين النازية والعالم.
اذ قلّما يوجد طرف عربي له كلمة يمكن أن يُصغى لها ويمكن ترجمتها عمليا من قبل الجانبين المتحاربين.
اذن لابدّ أن يتعاون بلينكن مع الطرف العربي القادر على اختراق المعادلة المتحجرة والمتفجرة في هذه الحرب. أمّا اذا فشل بلينكن في مهمته الثانية وعاد من دون ان تكون هناك هدنة مجدية لوقف النزيف وصولا لوقف اطلاق النار، فإنّ إمكانية انفلات الأوضاع الإقليمية ستكون متاحة على نحو كبير، ليس عبر اشتراك اطراف أخرى في توسيع الحرب منها ايران وحزب الله، وذلك احتمال ضعيف، ولكن من خلال جعل الشرق الأوسط منطقة رخوة لإعادة سيناريوهات التدخل الاقليمي فيه، بحيث يتحول الى بقعة ساخنة مجدداً لا يبردها تطبيع أو شراكات استراتيجية اقتصادية دولية، وقد تحدث فيها انتكاسات امنية في دول حليفة لواشنطن تفضي الى قلق حقيقي في تل أبيب وواشنطن معاً