منذ أن أعلنت المفوضية المستقلة للإنتخابات موعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات في الثامن عشر من كانون الاول المقبل حتى بادرت بعض الكتل والأحزاب السياسية من خلال مرشحيهم الى الإلتفاف على القانون بطرق مبتذلة وغير مشروعة لتحط من قيمة الناخب العراقي وكرامته من خلال شراءهم الذمم بأساليب رخيصة لا تمت للمواطنة بصلة , وبعيدة عن كل القيم الإنسانية .
علما” أن التباري في البرامج الإنتخابية بين المرشحين من أجل تقديم أفضل الخدمات , حالة حضارية لا تتعارض والقوانين السارية , على أن توفر قناعة للناخب للإدلاء بصوته , وكسب عدد أكبر من الأصوات , دون تأثير أوضغوط جانبية لمصادرة إرادته الحقيقية , مما يوطد الثقة بين المرشح والناخب , ليكون ممثلاً حقيقياً للشعب
في مجلس المحافظة .
فالذي يحدث مؤخراً مع الأسف في هذه الأيام التي تسبق يوم الإقتراع وأمام أنظار الحكومة العراقية , وهذا دليل على ضعف شخصية الناخب وإنصهارها في بوتقة الرياء السياسي وعدم إكتراثه للعملية السياسية , وما تؤول اليه نتائج الإنتخابات مسبقاً , وهوعرض الأصوات للبيع بالمزاد العلني من قبل بعض الناخبين , عن طريق سماسرة المرشحين , مقابل مبالغ مالية زهيدة , أو وعود كاذبة , لأن المجرب لا يجرب , ومن يبيع صوته فلا مانع لديه من بيع وطنه والتنازل عن وطنيته , لأن صوت الناخب أمانة، وعندما أتاحت الدولة للمواطن فرصة المشاركة في الإنتخابات , لإختيار العناصر الكفوءة المتمثلة بالتكنوقراط وأصحاب الإختصاص والتي تعتبر سلطة رقابية على مستوى المحافظة , فينبغي إستغلال هذه الفرصة بما يضمن مستقبل أجيالنا التي عانت الأمرين لسنوات خلت .
فنحن أحوج ما نكون اليه اليوم هو الوعي السياسي للمواطن والإيمان بالمواطنة الحقة التي أضعناها منذ سنوات , نتيجة ضعف هيبة الدولة العراقية , واستشراء الفساد في جميع مفاصلها دون رادع ولا وازع , مما مهد لدخول عصابات داعش الإجرامية وإحتلالها لثلث مساحة العراق , والتأثير على نفسية المواطن وتغييرها الى سلوك عدائي وهدام للبنى التحتية , لإرتباطها بأجندات خارجية تهدف الى بث الفرقة بين مكونات المجتمع , بصيغ طائفية مقيتة بعيدة عن الواقع العراقي الذي تربى عليه .
نتساءل , أين دور الحكومة العراقية ومؤسساتها الإدارية والقضائية ؟ في كل ما يحدث من إستخفاف بالقوانين والتلاعب بها حسب مزاج بعض الكتل والأحزاب السياسية , أليس القانون فوق الجميع ؟ أم هناك من هم فوق القانون ؟ في دولة اللاقانون , نتيجة لإرتباطهم بجهات حزبية متنفذة على الساحة السياسية في العراق .
سلفاً وإستقراءً للمستقبل القريب , سنشهد إنتخابات تشوبها الضبابية وعدم الشفافية وقد ترتقي الى مستوى حدوث بعض حالات التزوير , لتسلط بعض الجهات المتنفذة على المناطق المسيطر عليها وممارستها لأساليب مشبوهة تهدف الى التلاعب بنتائج الإنتخابات المرتقبة لصالحها زوراً وبهتاناً وخرقاً فاضحاً للقوانين المرعية وبنود الدستور العراقي .