في معرض الشارقة الدولي للكتاب بنسخته الـ 42 ، و في كنف الامارة الغافية على ضفاف البحيرة, كان الهدوء يمسك بتلابيب الطابق الـ 15 في الفندق المخصص للاعلاميين، وقد سكنت الغرفة 502 , كانت الغرف المجاورة يسكنها كوريون جنوبيون، لكني لم التقي بهم سوى بالمصعد ومن عادتي كنت اسهر في الليل وانشغل بالكتابة واعداد المواد للجريدة ، استيقظ صباحاً بين الساعة السادسة والنصف والسابعة ، لتناول الفطور في المطعم ، اجده ممتليء بالصحفيين الكوريين ، يتحدثون بصوت خافت، يتناولون فطورهم بهدوء ، الرز وجبة مفضلة في الصباح، مع البيض المسلوق ،المطعم يخلو من العرب تماماً، لكنه يمتليء في الليل منهم الى ساعات متأخرة .
وانا احتسي الشاي مرت ببالي فكرة تقول : كيف تتطورت كوريا الجنوبية وكيف اصبحت دولة ذات شأن, ومن الدول الصناعية والمهمة، وتمتلك الشركات الضخمة والكبيرة ؟ ولا تكاد حياتنا تخلو من المنتجات الكورية سواء كانت اجهزة كهربائية ام سيارات ام هواتف نقاله، وغيرها الكثير .
كيف استطاعت هذه الدولة من القفز الى مصاف الدول الصناعية المهمة، بعد ان كانت محتلة من قبل امريكا بعد الحرب العالمية الثانية، وقد جزأت شبه الجزيرة الكورية الى شمالية وجنوبية فكان الروس في الشمال والامريكان في الجنوب ، و في العام 1960 كان 50% من الشعب الكوري يعتمد على زراعة الارز، لم يكن لديهم نفطاً ولا غازاً ولا ثروات طبيعية كبرى .
لم يكن يمتلكون سوى الجد والمثابرة والاصرار والحب . فكروا في نهضة شاملة تنجيهم واجيالهم من الفقر. والتخلف .
كان السر وراء التطور العظيم لهذا البلد الاسيوي ، هو الادارة الوطنية .
حينها نظرت الى زملائي الكوريين ، ففهمت السبب ، انه شعب جاد وعملي ينهض في الصباح الباكر ، لينجز المهام التي كلف بها ، اراهم منهمكين في المركز الاعلامي لنقل التقارير الى شعبهم ، قرأت ادبهم واطلعت على روائيهم ، وعلى السينما الكورية ، فوجدتهم يتسابقون على الانجاز ومشغولون بوطنهم.
سألني احدهم عن بلدي فقلت له انا عراقي فقال بصوت عال اووو الحرب الحرب ، يالها من ردة فعل اوجعتني من شعب الوردة الزاهية وهو الاسم الذي يطلقه السوريون على انفسهم .