قبل الخوض في التفاصيل دعونا نبحث عن إجابة دقيقة لموضوعين مهمين : –
الأول :- هل برامج التحليل الكروي التلفازي تعد بمثابة رسالة للمختصين باللعة ام هي رسالة راي عام .
ثانيا :- من يضع هدف الرسالة ، موظفوا البرامج ام راس المؤسسة ؟
قطعا الإجابات لن تكون متطابقة .. كطبيعة الانسان كل يجيب وفقا لخلفيته وثقافته ومصالحه ..
لسنا بصدد الإجابة عن السؤالين .. لكن طرحهما بمعزل عن الاتفاق على اجابة محددة .. يمثل تمهيد قد يسهم بالمساعدة لفهم فلسفة الإجابة والغاية منها فضلا عن الخوض في تفاصيل العنوان .
فاذا كانت الإجابة تحصر التحليل كرسالة تدريبية .. يصبح مكانها ليس التلفاز بل مواقع التحليل المعهودة في الملعب او قاعة المحاضرة او مع الإدارة واللجان الفنية المختصة .. فالجمهور الكروي ليس كله ممارس بل الكثير منهم يحبون منتخب او نادي ما دون الخوض في تفاصيل اللعبة من قبيل القانون الكروي و التكتيك والتكنيك … هذه أمور لا تهمهم كثيرا ، الاهم متعة المباراة وتسجيل الأهداف وتحقيق الفوز . وهم يمثلون شريحة تعد الأكبر في العالم مقارنة مع المختصين كرويا .
هناك ما يعزز هذا الاتجاه .. فاذا لاحظتم الكثير من الجماهير لا تتابع استوديوهات التحليل واغلب الجمهور يغير محطة البث عند بدأ التحليل او يترك الشاشة وينشغل بشيء ثاني حتى تنطلق المباراة ..
هذا التأكيد ان ثبت للبعض .. يلغي منهجية التحليل التلفازي كله .. فان المعطيات والمخرجات كرسالة تلفازية كما هي عليه اغلب البرامج التحليلية .. لا تحقق من خلالها هدفية راس مال المؤسسة وقيادتها الناقلة للحدث التي هي بالتأكيد لا تنقل في سبيل الله ولا من اجل تثقيف العامة .. بل للتاثير على الراي العام أولا ومن ثم تحقيق أرباح تسويقية واعلانية وترويجية … وذلك لا يتم الا عبر رسالة جذابة تحقق اكبر قدر من المشاهدات .
هنا سنكون تحت مشكلة حقيقية للمؤسسات ان كانت لها اهداف حقيقية تخضع لمعيارية الاستثمار او باقل تقدير السيطرة على الراي العام وتوجيه قدر الإمكان .
ثمة ملاحظات ينبغي التأكيد عليها : –
1- ان اغلب استوديوهات التحليل تخضع لسيطرة مقدم البرنامج ومعده، يستضيف من يريد ويضع له عنوان فخم ووفقا لمصالحه التي ليس بالضرورة تتطابق مع مصالح المؤسسة .
2- ان الكثير مما يطرح فيها يعد سرد لساني يعبر عن تمكن لادوات الحرفة ولا يمت بصلة لعلميتها فضلا عن كونه هجين غير اجتماعي لا يصلح للمادتين ( كرسالة راي عام او تكتيكة ) . فكما يعلم المختصون ان اغلب المحللين لم يتوفقوا بالتدريب وقيادة الفرق لتحقيق إنجازات يعتد بها .. وهذا سبب رئيس لتركهم ميدان الملاعب وقبولهم القسري للتحليل بما في الملاعب من شهرة ومردودات مالية ضخمة . اما جذبهم للراي العام فقد بينا ان أغلب الجماهير لا تتابع التحليل وان تمت المتابعة لجزيئية ما فهي تحدث للبحث عن إجابات خبرية لا تحليلية من قبيل ( من سيكون البديل وتغيير التشكيلة ومن سيحقق الفوز ) .
3- ان الجماهير المختصة والمتفرجة لا تبحث عن مصطلحات كروية بحتة .. بل نظرة عامة لكل ما يجري بالملعب وخارجه وجماهيره وتداعياته وتعليقاته ومجتمعه وبيئته وغير ذلك الكثير مما لا يعني المحلل – بالضرورة – ولا يلم به ..
لذا ينبغي البحث عن مخارج وحلول جديدة ( لبرامج التحليل الكروي ) بعيدا عن تقليدية ما نراه ونجلد به كل حين .. فضلا عن كونها لا تليق ولا ترتق بكرة القدم في ظل العولمة وسيطرتها على الراي العام وتسخيرها لمصالحها وتوظيف الرياضة كسلاح فعال في معارك الحرب الناعمة .. فان القضية ليست 4-3-3 او 4-4-2- او أسلوب اللعب وتشكيل اللعب .. فشتان بين المعنيين ..
والله من وراء القصد وهو ولي التوفيق !