( غالبا ما تكون السموم والأدوية هي نفس المادة التي تعطى بنوايا مختلفة ). الطبيب بيتر مير لاثام
قبل أيام راجعت طبيبا فوجدت سكرتيرته منكبة على الموبايل الذي انشغلت بتواصله لدرجة انها لم ترد التحية .. حينما كلمتها بحدة رفعت عينيها بتثاقل .. فقلت لها : ( في المجتمع السليم الكلمة الطيبة صدقة .. اما اذا سادت ثقافة الانحطاط فلا ادب يفيد ولا اديب ) .
تحاورت مع طبيب عربي عن حال المشفيات ومرافقاتها : الرنين والسونار والاشعة والتحليل .. تحسر بالم حينما رددت المصطلحات لكن ما ان نبست شفتاي بالصيدلية .. حتى تافف .. قائلا : ( ان العلة العربية واحدة لانها مجتمعية لا طبية ).
فقلت : (عندنا حكمة ليست فقهية لكنها شعبية بامتياز مفادها : ( كلما تجد زحمة وفوضى ما باي مؤسسة فاعلم هناك قصدية فسادة . وقد لاحظنا بعض الأطباء يتعمد خلق الزخم حتى ينصاع المريض ولا يمكنه المراجعة الا عبر السكرتيرة بكل منشارها الذي لا يشبع ويتفنن بتاخير المراجعين لاسباب تعليلها يكمن في جيب المراجع ) .
مضيفا : ( اصبحنا مجتمع هزيل برغم التوسع والانفتاح ببناء المشفيات الحكومية والخاصة لكنها لم تستوعب طوابير المرضى .. فشعوبنا يلتهمها المرض والضعف جراء الاستهداف بتغيير أنظمة الاكل المتبعة واستيراد الادوية المغشوشة والقديمة مع تغييب دور الرياضة بالصحة المجتمعية أدى الى ( تكرش ) نتاج وجبات اكل سريع ( كنتاكي واخواتها ودلفري ومشتقاته ) فضلا سطوة التكتك التي غزت الشوارع بقصدية تغلغلها المجتمعي .. ) .. وقد رد محدثي : ( لا ننسى تدني دور الرقابة وضعف مستوى بعض الخريجين ممن يستعجل العمل بلا ضوابط حتى أصبح صرف الوصفة بالخطا مشكلة خطيرة ربما تؤدي الى الوفاة ) ..
ثم سالني عن الوازع الأخلاقي فقلت : ( لما تسالني اقلك كان زمان ) … ان أغنية – لسة فاكر على سبيل المثال – كلمات عبد الفتاح مصطفى والحان رياض السنباطي وأداء ام كلثوم لا يمكن بعثها للحياة مرة أخرى لانها تمثل مرحلة حياتية ولت ولم تعد مقوماتها قائمة . لا يمكن إعادة عجلة الزمان الى الوراء . لقد تحولت اغلب الصيدليات الى ( دكاكين ) ربحية تبحث عن مكسب أما المريض فهو آخر طابور الاهتمامات .. حتى انهم اصطلحوا عليه مفردة ( زبون ) .. لقد فقدت المهنة الصفة الملائكية وتحولت وسيلة للتوظيف وإيجاد فرص عمل للخريجين الجدد حتى غاب معظم الصيادلة عن صيدلياتهم ) .
مضيفا : ( ان الادوية أصبحت تباع بالمذاخر الاهلية وتعبء ( بالشليف ) وهو كيس من القش يصلح للبقالة ولا يمت بصلة لمواد تتوقف عليها حياة الانسان . فقال محدثي العربي : ( ان بعض الأطباء يتفنن بكتابة وصفات لا تجدها الا بصيدليته .. فيما صيادلة تعاقدوا مع طبيب يجبر المريض على الشراء من صيدلية معينة مقابل دفع اجار مكتب الطبيب او تخصيص سفرة سنوية له … ) .ا
الاكزخانة : كلمة تركية من كلمتين عربية (أجزا) محرفة من (أجزاء) و(خانة ) الفارسية وتعني الدار اي ( دار الدواء ) .
اختم بما قاله القائد الفرنسي الشهير نابليون بونبارت حينما سال عن حسن حالته الصحية بشكل دائم فقال : ( ان الماء والهواء والنظافة هي المواد الرئيسة في صيدليتي ).