في غمرة استعدادات العراق لانتخابات مجالس المحافظات في ديسمبرالمقبل، تتجدد المعركة بين قوى النظام السائد والقوى الناشئة التي تتلهفلتكون روّاد التغيير. هنا، تراهن القوى الناشئة على إعادة كتابة قوانين اللعبةالسياسية المحلية.
عرفت مجالس المحافظات إقامة عقد قوي في العراق منذ عام 2005، متحدين النظام السياسي الحالي بصلاحياتها الواسعة. ورغم رغبة الجميعفي التغيير، يسود الساحة السياسية فوضى متنقلة، حيث يتنافس أكثر من296 حزبًا و50 تحالفًا في مشهد انتخابي معقّد.
التحدي يتجلى في كيفية تحويل القوى الناشئة لهذا الفوضى إلى فرصةحقيقية للتغيير. إذا استطاعت هذه القوى تشكيل جبهة موحدة وتقديم رؤيةسياسية جادة، فإنها قد تقلب الطاولة على القوى التقليدية المسيطرة. تأتي هذه الانتخابات في سياق تظاهرات متصاعدة ضد النظام الحاكم، تمتد إلى عام 2019. القوى السياسية الناشئة تسعى لأكثر من مجردالتعبير عن الغضب، حيث تتعهد بتحقيق تغيير جاد من داخل النظامالسياسي. ومع ذلك، يظهر انشقاق داخل صفوف القوى الناشئة وشكوك حول الخبرةوالرؤى السياسية. يجب على هذه القوى أن تتوحد وتتبنى برنامجًا واضحًالاستعادة الثقة والمشاركة الفعّالة في العملية الانتخابية.
في هذا السياق، يعكس الارتباك في استعدادات الانتخابات تحديات تواجهالناخبين، حيث يعتمد المرشحون على استراتيجيات دعاية لا تلتقط تمامًاحاجات الناس، وتفتقر إلى رؤى سياسية جذابة.
انقسام داخلي
وفي هذا الوقت الهام، يظهر الانقسام الداخلي وعدم الوضوح في مشاريعالقوى الناشئة كتحدي رئيسي. يشكل انشقاق بعض نواب حركة امتدادواستقالات أعضاء في التنظيم السياسي للحركة عقب الانتخابات النيابيةالأخيرة، نقطة انعطاف حرجة.
مع توجيه النواب المستقيلين نحو تحالفات مع القوى التقليدية والميليشياتالمشبوهة، ومع انخراط بعض النواب المستقلين مع أحزاب فاسدة، يتساءلالكثيرون عن قدرة هذه القوى على تقديم التغيير المطلوب.يعتبر الانقساموالتشرذم الحالي في القوى الناشئة خطوة خطيرة تهدد إمكانية تحقيق تأثيرقوي في الانتخابات المقبلة. إن تجميع القوى وتلاحمها في إطار ائتلافانتخابي يمتلك رؤى واضحة، يمكن أن يكون الطريق نحو إعادة تشكيلالمشهد السياسي المحلي.في سياق الأحزاب، يصبح وجودها على الساحةليس كفعالية سياسية فقط بل كتسجيل لدى مفوضية الانتخابات. تظهربعض الأحزاب بدور الممثل الرسمي للمواطنين دون وجود لديها مشروعسياسي واضح، مما يجعل تلك الأحزاب عرضة للاندماج مع الهياكلالسائدة وتفقد طابعها الثوري.
حيث يتساءل الناخبون عن كفاءة المرشحين وتصدّرهم للساحة السياسية بناءً على شهادة جامعية وعدد من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، دون تقديم رؤى وبرامج واضحة. هذا يفتقد إلى جوهرية التمثيل السياسيويعرض العملية الانتخابية للخطر.
تحقيق هذه الوحدة يمكن أن يعزز من فرص القوى الناشئة في التنافس بقوةفي الانتخابات المقبلة وتحدي الهيمنة الطويلة للقوى التقليدية. يتطلب الأمرأيضًا من القادة السياسيين الناشئين تقديم رؤى وبرامج سياسية تلبيتطلعات واحتياجات الشعب، بعيدًا عن الشعارات الفارغة والوعودالسطحية.على مستوى النواب المستقلين، يجب عليهم أن يكونوا وعيًا بأهميةدورهم في تشكيل التشريعات ومراقبة الحكومة. ينبغي لهم التركيز علىقضايا ملموسة تؤثر في حياة المواطنين والعمل على تحسين الخدمات العامةومكافحة الفساد.
من ناحية أخرى، يجب على الأحزاب أن تتجاوز دورها كتسجيل رسميوتكون لها أهداف واضحة وبرامج سياسية تلبي تطلعات فئات المجتمعالمختلفة. ينبغي عليها أن تتبنى نهجًا ديمقراطيًا حقيقيًا وتعزز مشاركةالمواطنين في صنع القرار السياسي.
في الوقت الحالي، يجب على الناخبين أن يكونوا حذرين ويدرسوا جيدًاالبرامج والرؤى التي تقدمها القوى الناشئة والمرشحون المستقلون. يتعينعليهم اختيار من يمثل فعليًا مصالحهم ويعكس طموحاتهم لتحقيق التغييرالإيجابي في الساحة السياسية.
في ختام اليوم الانتخابي، يتوجب على العراقيين أن يتطلعوا إلى مستقبلأفضل وأكثر استقرارًا، وهذا يتطلب مشاركة فعّالة وواعية في عمليةالاقتراع. إن تحقيق الوحدة وتقديم برامج سياسية واضحة هو السبيل لبناءمستقبل يلبي تطلعات الشعب العراقي