اسماء الموجودين بالصورة وحسب التسلسل (د.هادي الكعبي / القاضي المتقاعد رحيم العكيلي/ القاضي الراحل ضياء شيت خطاب)
منذ فترة وانا اكتب في القضايا الاجتماعية والفكرية والسياسية و مبتعد قليلا عن الكتابة في القانون، ربما للظروف اليومية والاحداث تأثيرها في ذلك ، غير انني وانا اقرأ على مهل كتاب « الطعن في الاحكام المدنية بالاستئناف» الذي يمثل اكمالاً لسلسة دراساته في قانون المرافعات بعد ان كتب لنا دراسات في المرافعات والاعتراضان واعادة المحاكمة ها هو يخصص مجلد جديد عن الاستئناف كطريق طعن في الاحكام المدنية اصدره عن مكتبة هولير القانونية العام الماضي (2022) واقول اقرأه على مهل لأنه من الكتب التي يجب ان تقرأ بتأن وروية لا على وجه السرعة لأهمية جميع ما فيه من مضامين متنا وهامشا.وقد قرأت في الصفحة ( 67) من الكتاب جدل فقهي حول مدى اعتبار ان من ترك استئنافه او ابطله بطلب منه ، فهل يعتبر هذا قبول ضمني منه بقرار حكم البداءة الصادر ضد موكله ؟ وهل هذا القبول الضمني يمنعه من الطعن بأية طرق طعن اخرى ؟ بكلمة اخرى هل هذا تنازل ضمني عن الطعن يُستفاد من سلوك الطاعن حينما ترك طعنه او لم يطعن بالحكم سواء عن طريق الاستئناف او غيره من طرق الطعن ؟
ينقل القاضي المتقاعد « رحيم العكيلي « في كتابه المشار اليه انفاً وفي ذات الصفحة المذكورة
رأي الفقيه المصري « احمد ابو الوفا» في كتابه « التعليق على نصوص قانون المرافعات « ط 2 1975 منشأة المعارف بالإسكندرية ص 717 قوله :
بأنه «اذا ترك المستأنف استئنافه او ابطل بطلب منه فان هذا الترك او الابطال يعد قبول من جانب المستأنف للحكم الصادر عليه من محكمة الدرجة الأولى (محكمة البداءة ) وهذا الرضاء بالحكم، فضلا عن انه يمنع التارك او طالب الابطال من اعادة استئناف الحكم ولو كان في المدة فسحه، فانه يمنعه ايضا من الطعن فيه بطرق الطعن غير العادية بضمنها اعادة المحاكمة، اذا لم يستنفذ بصدده طرق الطعن العادية» بينما يرى الفقيه العراقي « ضياء شيت خطاب « في كتابه « الوجيز في شرح المرافعات المدنية « ص 290 :
(اماالتنازل الضمني فلا يقبل لعدم النص عليه في القانون)
ويتفق القاضي المتقاعد رحيم العكيلي مع القاضي الراحل ضياء شيت خطاب في رأيه إذ يقول :
مرافعات مدنية
«ولا يتفق هذا الرأي – من وجهة نظرنا – مع نصوص قانون المرافعات العراقي النافذ الذي لم يعتد بالقبول الضمني للحكم ، ولا بالإسقاط غير الصريح للحق في مراجعة طرق الطعن به، بحكم المادة ( 199 ) من قانون المرافعات المدنية التي نصت :- (لا يقبل الطعن الا ممن خسر الدعوى ولا يقبل ممن اسقط حقه فيه اسقاطا صريحا امام المحكمة او بورقة مصدقة من الكاتب العدل. ) ، فلا يمكن اعتبار ترك الاستئناف او طلب ابطاله قبولا بالحكم او اسقاطا لحق الطعن به لانه قبول او اسقاط ضمني، والقانون العراقي لا يعتد لا بالقبول الضمني بالحكم، ولا بالإسقاط الضمني لحق الطعن به، لذا فان لمن ترك استئنافه فابطل او طلب ابطال عريضتها الاستئنافية فأبطلت بناءً على طلبه حق الطعن في الحكم بطريق اعادة المحاكمة امام محكمة البداءة، اذا ظهر له احد اسبابه بعد ذلك»اما الفقيه العراقي « هادي الكعبي « فقد ابدى رأيه مخالفا لما ذهب اليه القاضيان ضياء شيت خطاب ورحيم العكيلي ، أذ كتب تعليقه على نشرنا لصفحة الكتاب المذكورة في موقع « مسارات قانونية « اذ يرى بأن : « القبول الضمني لا يشمل إلّا الاحكام القضائية الفاصلة في موضوع الدعاوى والطلبات ، اما القرارات القضائية فهي لها حكم خاص وأثر خاص وهي لا تعد احكاماً قضائية مطلقاً ومنها قرارات إبطال عريضة الدعوى،
وان المادة 169 مرافعات مدنية لا تتعلق بالقبول الضمني للحكم بل تتعلق بالتنازل عن مباشرة طرق الطعن المسبق بالأحكام التي سوف تصدر عن محاكم الموضوع حتى يكتسب الحكم القضائي الدرجة القطعية مباشرة لحظة صدوره لتنازل الطرفين عن الطعن بالحكم بموجب الطريقين المحددين بالنص ، اما عن مسألة القبول الضمني للحكم القضائي فلم يشر المشرع اليه بصورة صريحة ولكن يمكن تلمس مضانهّا ، بموجب إعمال وجه المخالفة لمفهوم عدم مباشرة طرق الطعن من قبل الخصم الذي خسر الدعوى او الطلب كلاً او جزءاً ، فهي دلالة واقعية على قبوله الضمني للحكم القضائي الصادر ، إذ إن الدلالة الفلسفية للطعن في الاحكام القضائية تتعدى مسألة التيقن من صحة وعدالة الإجراءات المتخذة من قبل المحكمة في الدعوى ، صوب توفير قناعة الخصوم بصحة وعدالة الاجراءات المتخذة من قبل محاكم الموضوع والطعن «
ويبقى الاجتهاد الفقهي مستمراً وكذلك القضائي عند عدم وجود النص او غموضه و احتماله اكثر من وجه ، و بمزيد من الحوارات والاجتهادات والاختلافات يتقدم العلم و تنضج الافكار وتتحول من مجرد افكار الى نظريات ، لا حرمنا الله من فقهاءنا وما يكتبوه لنا و نحمد الله اننا لا زلنا طلاباً بين ايديهم ننهل من علومهم وننتفع به .