من خلال متابعتي للبرامج السياسية التي تعرض على القنوات الفضائية العراقية لقد لاحظت أمرين مهمين: الأول هو افتقار معظم مقدمي تلك البرامج لأبسط أبجديات علم السياسة التي يتوجب أن يحملها محاور البرامج السياسية، والذي يمكننا أن نطلق عليه مصطلح الجهل السياسي للمحاور. والطامة الكبرى هو أننا نلاحظ إن هذا الجهل السياسي لا يقتصر على المحاورين فحسب! بل ينسحب على معظم الضيوف الذين يجلسون على الجانب الأخر من طاولة الحوار في تلك البرامج، سواء أكانوا سياسيين ينتمون لأحزابٍ وكتلٍ سياسية ذات قواعد جماهيرية كبيرة، أو من المنظرين لتلك الأحزاب وأفكارها وتوجهاتها، والذين توجه لهم الدعوات للمشاركة في تلك البرامج. والأمر الأخر المهم هو إنحياز مقدمي البرامج_ بتوجيه مفضوح من إدارات تلك القنوات_ لجهة سياسية على حساب الأخرى؛ والذي قد يصل في بعض الأحيان إلى حد إصطفاف المقدم مع أحد الضيوف على حساب الضيف الأخر في موقفٍ أراه مسقطاً لمصداقية تلك القناة الفضائية، ومنفراً لطيفٍ واسعٍ من الجماهير التي تتابعها. والأمثلة كثيرة ومعروفة. فعلى سبيل المثال، وخلال السنوات الأخيرة، فقدت العديد من القنوات الفضائية العريقة_ محلية كانت أم عربية وحتى العالمية منها_ لشعبيتها؛ بسبب ضحالة الثقافة السياسية أو عدم نزاهة مقدم من مقدمي برامجها السياسية. ناهيك عن إنحياز تلك القناة لنظام سياسي معين على حساب من يجابهه بالرأي أو الموقف السياسي. وأبسط تلك الأمثلة وأوضحها هي قناة الجزيرة الفضائية، التي فقدت  شعبيتها في السنوات الماضية بسبب مواقفها المنحازة في المنطقة، وتبنيها لأفكار جهات سياسية معينة على حساب أخرى تعارضها؛ إما لدوافع سياسية أو قد تكون مالية؛ فللكلمة ثمنها اليوم بعد أن تحول الإعلام لصناعة ومصدر من مصادر جني الأموال الطائلة. فبرنامج الإتجاه المعاكس مثلاً، الذي يقدمه فيصل القاسم كان كفيلاً لوحده بأن يعرض قناة الجزيرة الفضائية للإغلاق، وتعليق العمل، لا بل الطرد ومنع ممارسة العمل في أكثر من بلدٍ من بلدان المنطقة كانت فيه قناة الجزيرة هي المصدر الموثوق الأول للخبر من حيث المصداقية.

الأعلام الفاضل هو أن تنقل الحقيقة كما هي دون زيادة أو نقصان، وأن تسمح للجميع بأن يطرحوا وجهات نظرهم على طاولة الحوار دون إنحياز.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *