لا يحتاجون الى جيوش لمحاربتنا، ولا الى أموال يصرفونها من أجل الانتصار علينا، طالما أننا نتناحر ويسقط ويقتل بعضنا البعض! هذه هي معادلتهم الاستراتيجية في الحفاظ على تخلفنا وضعفنا، لا بل وعمالاتنا لهم.
فرقونا فسادونا، بيد ان تفرقتهم لنا لم تكن لتحصل دون أرضيات تدني أخلاقياتنا ووعينا في التعامل مع بعضنا.
تفرقنا شيعاً وأحزاباً. أنظمة بلداننا العربية متحاربة مع بعضها، وجيوشنا لا تحمل السلاح الا لحماية كراسي حكامها. تعليمنا وضيع وليس متواضعاً، وصحتنا مريضة، وهكذا اقتصادنا وثقافتنا.
غاب فينا الوعي، وأعمتنا العصبية العنترية الفارغة والأنانية القاتلة.
ان نظرة متفحصة لقوانا السياسية ولسلطاتنا الآمرة، ولاقتصادياتنا وهجين ثقافاتنا ونخر عزائمنا لا يمكن أن تخرج في تحديد أسبابها عن ما ألحقته تناحراتنا الذاتية من هدم وتدمير وتباغض وتكاره لم يؤد سوى الى مزيد من الضياع وفوات فرص التعلم والتعاون والبناء والتقدم.
انظروا الى خارطة قوانا السياسية من وطنية متنوعة الى قومية والى اسلامية وإسلاموية ومذهبية رافضة ولاغية ومقصية لا بل ومدمرة لبعضها البعض.
انظروا الى تفرقنا وتوحد كل بلد في خططه وقراراته الاقتصادية، مع الاستثناء هنا أو هناك وبهذا الحد أو ذاك، ولهذه الفترة أو تلك. جميعنا ضعفاء اقتصادياً أمام من تقدم علينا وتحالف ضدنا، لا بل واستخدمنا ذيلاً في استراتيجياته.
تعالو نطوف اليوم في عالمنا الثقافي الذي بات اليوم مبتوراً عن أصالته وفاقداً لابداعه وتائهاً في بوصلة سيره. يشجعوننا على شتم أنفسنا وتسفيه معتقداتنا، مضلليننا في “حداثة” لا نمتلك شروط الاستفادة منها، ولا ندرك غايات بعضها الدفينة.
أقف أمام المرآة، أنا العربي متسائلاً: من أنت، وماذا تريد؟ هل تمتلك من الوعي والجرأة والعزم لكي تتنازل عن عصبيتك وعنتريتك الفارغة وأنانيتك المقيتة لتضع يدك بيد أخيك وتتعاون معه على البر والتقوى؟ على البر في عمل الخير بما يستفاد منه البشر، وعلى التقوى في تجنب شر التناحر والعمالة والخيانة والأذية.
سنبقى ضعفاء متخلفين تابعين أذلاء، طالما استمرينا في تناحراتنا الهدامة التي تقوم عليها نجاحات الآخرين الخبثاء والأشرار.