منذ القرن السادس عشر ركز الكثير من علماء الفيزياء والفلك على تعريف الضوء ومناقشة ماهية الضوء وسلوكيات حركة الضوء إضافة إلى سرعته، وقد وردت عدة تعاريف قديماً لسرعة الضوء منها ان للضوء خاصية اللحظية او السرعة اللحظية مما تعني الوصول إلى الهدف قادماً من المصدر بنفس اللحظة دون المرور بعامل الزمن ، مع تطور البحوث في هذا المجال ووجود علماء كبار تم في نهاية المطاف تسجيل سرعة الضوء ب (300,000)كيلومتر. في الثانية وكأن بهذه السرعة فأن المادة لا كتلة فعلية لها ، ولاجل تقريب استيعاب هذه المسافة يمكننا ان نذكر ان الضوء الذي ينبعث من الشمس يصل إلى الارض في حوالي (8)دقائق فقط اي لقطع المسافة بين الشمس والأرض البالغ (150) مليون كيلومتر ، وكمثال آخر فان بإمكان حزمة ضوئية الدوران حول محيط الارض بأكثر من (7) في الثانية الواحدة. وعلى هذا الاساس تم اعتبار سرعة الضوء اعلى سرعة موجودة في الكون وتم تثبيت هذه السرعة في المعادلات الفيزيائية كسرعة ثابتة .
لتقريب الفكرة حول ثبات السرعة ، لو فرضنا وجود حزمة ضوء وأتينا بحزمة اخرى من ضوء واضفنا هذه الحزمتين على بعضهما فان الناتج ايضا سوف يكون سرعة الضوء البالغ (300000) كيلومتر في الثانية ولن يزداد السرعة رغم اضافة حزمة اخرى من الضوء على الحزمة الأصلية (المجموع حزمتين) ، مما يعني لو فرضنا بان الحزمة الاولى قيمتها الحسابية (1) والحزمة الثانية قيمتها الحسابية ايضا (1) فان ناتج اضافة الحزمة الثانية على الاولى سيكون (1) ، اي ان (1+1=1) وليس (1+1=2) .
ماذا لدينا في السياسة؟
منذ حصول التغيير في البلاد سنة (2003) وشروع البلاد في الممارسات الديموقراطية ( مع الاخذ بنظر الاعتبار ان الديموقراطية ثقافة قبل ان تكون ممارسة قانونية ، فلا تكفي وجود فقرات دستورية او قانونية في البلاد فتكون الدولة ديموقراطية ،لان اكتساب ثقافة الديموقراطية بحاجة إلى وقت كافي لتغيير جيل ) حيث تساهم الاجراءات الديموقراطية في تشكيل كتل سياسية تقتحم الساحة الانتخابية ، تعلوا الأصوات بان هذه الكتل هي عبارة عن كتلة (صمدية) غير قابلة للتفصص وغير قابلة للتقسيم وكانما هذه الكتل المتشكلة تطبق مفهوم سرعة الضوء من (1+1=1) فترفض هذه الكتل التسميات الداخلية المشكلة للكتلة وتعرف نفسها بكتلة واحدة وبان جميع المشاركين في انتاج كتلة ما هم عبارة عن مجموعة واحدة ضمن نسيج غير مميز ، لكن مع مرور الوقت وحصول منافسات سياسية مختلفة والانتهاء من الانتخابات والحصول على المكتسبات السياسية تبدا هذه الكتل بالتفتت والانشطارات وترجع إلى الحالة المنطقية حسابياً اي (1+1=2) لتنشطر كل كتلة إلى أساساتها المشكلة والى اصل (الحُزَم) السياسية التي شكلت هذه الكتلة او تلك . ولتبدأ مرحلة اخرى وهي مرحلة المنافسة لمخرجات الكتلة نفسها بعد ان استقرت كل جزء من الكتلة في اساس (حُزمتها ) السياسية الأصلية .
ماذا الان في الساحة العراقية ؟
بعد احداث سنة (2019) والتظاهرات المختلفة ،تغير النسيج السياسي كثيراً في العراق واصبحت فترة صمود الكتل السياسية اقل وأصبحت عملية انشطار هذه الكتل والرجوع السريع إلى اصل (الحزمة ) السياسية من سمة هذه المرحلة ،ولكن شذّ عن هذا المبدأ كتلة (الاطار التنسيقي الشيعي) فقد تشكلت هذه الكتلة سنة(2021) وهي اي هذه الكتلة مستمرة إلى الان كتلة واحدة وقرار واحد ومستمرة كمرحلة (صمدية) مما يعني جميع الحزم السياسية المشاركة في الاطار وجمع هذه الحزم فان النتيجة (1) .
مالذي سوف يحصل سياسياً؟
بعد الانتهاء من الانتخابات المحلية مؤخراً ، بدء العد التنازلي لماراثون الانتخابات النيابية سواء (كانت مبكرة ام في وقتها ) فقد انقضى اكثر من نصف من عمر هذه الحكومة وقد يكون اكثر من ذلك في حال وجود انتخابات مبكرة ، بالتالي فان الاطراف السياسية ان لم تكن شرعت في التحرك فانها سوف تشرع سريعاً في الحركة وإنتاج تحالفات وكتل سياسية جديدة .
ذكرنا في مقالات سابقة من ظهور ما أسميناه ( قوى الحراك المحلية ) في إشارة إلى بروز قوى سياسية محلية ضمن المحافظات وسيطرة هذه القوى السياسية على مقاليد الحكم المحلي في تلك المحافظات رغم الضغوطات السياسية بالضد من هذه القوى، كما ذكرنا بان هذه القوى لو توحدت فيما بينها فانها سوف تدخل الانتخابات النيابية بنقطة العتبة لفوز بمقدار يزيد عن (20) نائب ابتداءً وهذه العتبة لا تملك مثلها غالبية الكتل والأطراف السياسية العراقية بصورة عامة فيما عدى عدة كتل سياسية لا تتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة ، ومن الاحداث السياسية المتكررة في جميع الانتخابات السابقة للدورات الماضية كانت هناك ولادة لكتل سياسية تقاد من قبل رئيس مجلس الوزراء ،فالسيد المالكي كان له (دولة القانون )وما يزال ، والسيد العبادي كان له (النصر) ما يزال ،ولم تسعف الاجواء السياسية السيد عبدالمهدي لتقديمه الاستقالة ، ولم يكن بالإمكان للكاظمي انشاء كتلة لاسباب كثيرة ، ولا ننسى السيد علاوي و كتلة (العراقية ).
فمع اقتراب الانتخابات قد ينحو السيد السوداني نفس منحى رؤساء الحكومات السابقة في تشكيل كتلة سياسية مما سوف تهيىء مساحة سياسية كافية لتنضم اليه قوى الحراك المحلية وقوى سياسية اخرى ( القوى التي عانت من الضغوطات السياسية )مما سوف تشكل نقطة عتبة سياسية قد يتجاوز (40) نائب وهذا رقم كبير ومريح حقيقة لاي كتلة سياسية وخاصة ان كانت شيعية لغرض انتاج اركان الحكومة القادمة.
ماهي الاحتمالات السياسية؟
يترأس السيد السوداني حركة سياسية ( تيار الفراتين) بالتالي من المرجح جداً الدخول في الانتخابات لينضم اليه كتل سياسية اخرى كما ذكرنا ،وحيث ان هذه الكتل المنضمة ستكون جزء منهم من داخل الاطار ،فهذا يعني ان الاطار التنسيقي دخل مرحلة (1+1=2) لينتج كتلة جديدة من داخل الاطار وهي كتلة السيد السوداني وامام هذا الانشطار الانتخابي سيبقى السيد المالكي والمتمثلة ب(دولة القانون ) اضافة إلى بعض القوى السياسية الاخرى، لتكون المنافسة الانتخابية بين الاطار التنسيقي المحتوي على القيادات المعهودة والآباء المؤسسين وبين كتلة السيد السوداني ،لتكون مرحلة بعد الانتخابات مرحلة فرض الإرادات لبقاء السيد السوداني دورة ثانية على رأس الحكومة الجديدة وبالمقابل اعادة الاطار التنسيقي إلى كتلته (الصمدية) مرة اخرى وهذا الاحتمال الاول وبشريطة باستمرار غياب التيار الصدري والذي قد يدعم ضمناً من خلال قاعدته الجماهيرية بعض الحزم السياسية التي انضمت إلى كتلة السيد السوداني .
الاحتمال الثاني ان لا يتم التوصل إلى تفاهمات بين الاطار التنسيقي وبين كتلة السيد السوداني ومع وجود التيار الصدري فقد ينتج تفاهمات جديدة بين كتلة السيد السوداني وبين التيار الصدري لغرض تشكيلة الحكومة القادمة مع الاخذ بنظر الاعتبار إرادة التيار الصدري في اختيار اركان الحكومة قبل الجميع.
الاحتمال الثالث ان ينحو السيد السوداني منحى الكاظمي في النأي بنفسه وعدم المشاركة في الانتخابات والانتظار عن ماذا يقرر الاطار التنسيقي في التجديد له لحكومة جديدة او اختيار شخص آخر مع وجود التيار الصدري او عدم مشــاركته .
الاحتمال الرابع وهو الاحتمال الأبعد وهو انتاج كتلة كبرى لقوى الاطار مع التيار الصدري وتشكيل اركان الحكومة من شخصيات جديدة ، وبذلك انتاج كتلة سياسية بحزم سياسية مختلفة بنتيجة(1) قد تستمر لفترة زمنية معينة مرة اخرى.