كل يوم ، وربما في كل ساعة ، تتناقل وكالات الانباء حصول معركة بالسلاح الناري هنا ، وشجار بالسكاكين هناك ، وان هذا الشجار حصل في سوق ترتاده النساء بصحبة الأهل والأطفال ، أو في مكان يقصده الناس للراحة والتمتع في مرفق عام ، والغريب أن التقاتل صار في وضح النهار دون خشية من سلطة أو خوف من شرطي في الجوار. وهكذا مرت معركة بغداد الجديدة لتتلوها احداث سوق مريدي ، أو ما تناقلته الوكالات مؤخرا عن قتل صاحب معرض للسيارات ، أو معركة عشيرة انقسمت افخاذها ليتحول الشارع فيها إلى ميدان للقتال وسط المارة من الرجال والنساء والاطفال ، وكثيرة هي الأحداث لا يمييزها زمن ، ولا يلحق بها عداد ، اما المستور فهو الطامة الكبرى في فقدان الامان ، ولو أراد أي منا معرفة الأسباب لكان أولها شيوع عقلية العشيرة وتراجع ثقافة احترام القانون ، وثانيها انغماس رجل الأمن في تلك المعارك ، وصار جزءا منها غير محاييد ، أو أن رجل الامن هذا لا يتدخل خوفا من العواقب والنتائج ، والأمر الثالث هو اعتراف الدولة بصحة امتلاك السلاح أكان لدى العشائر أو الاشخاص أو سرعة انتشاره بين الخارجين على القانون أو لدى المافيات ، أما أهم العوامل فهو تجارة المخدرات أو تعاطيها في كل المناسبات .
أن من يشجع على الاقتتال تلك الفصول المخالفة للتمدن والمنافية للقوانين والأصول ، كذلك تراجع القضاء عن دوره المأمول ، وصارت النفس البشرية رخيصة تعامل كسلعة تباع في مزادات العشائر أو قرار شيخ العشيرة الجائر .
اننا نلاحظ كالاخرين مدى الخوف والخشية عند العراقيين من أوضاع كانت غير معروفة ، والمطلوب من الجهات الأمنية قراءة الأحداث وفقا لعلم الجريمة وشكلها الفاضح ، فقد صارت في خانة الاستهتار الفاضح.