عندما كان العراق دولة 00كاملة على اراضيه مع شعب ملتزم بالقانون بأكمله كانت كل دول العالم تضع بحساباتها قوته الهائلة وربما المفرطة أحيانا.. كان العراقيون يشعرون انهم شعب لا يمكن ان تقف امامه اي عوائق او تصديات خارجية….
كان الاقتصاد العراقي قوي جدا والاسواق العراقية مستقرة والاسعار محدودة ولايمكن التجاوز عليها وهذا يعني ان قوت المواطن اليومي مؤمن بالكامل. وكانت هناك صناعة وطنية عراقية خالصة ومعامل يديرها الالاف من ابناء الشعب العراقي ليكسبوا بالمقابل مرتب شهري تعيش به عوائلهم… والاهم من كل هذا لم يكن العراقيون يسمعون ويعرفون ماهو
الدولار واين يباع ويشترى وكم سعر برميل النفط الذي بقى اكثر من ثلاثون عاما لم يتجاوز العشرين دولار للبرميل الواحد. ولكن الحكومة العراقية في حينها كانت تستخدم في سياستها الاقتصادية تعدد المصادر من الثروات الطبيعية فالدولة تستخرج الكبريت والفوسفات وتبيعها في الاسواق العالمية اسوة بالنفط ومشتقاته…
ولم نسمع في يوم من الأيام ان العراق اشترى مشتقات النفط او الغاز من الخارج فالاكتفاء الذاتي موجود والاسعار شبه مجانية حتى ان اصدقائنا من الجنسيات الاجنبية الذين يزورون العراق في تلك الحقبة الزمنية وعندما يقومون بتعبئة الوقود في سياراتهم يفاجئون بالأسعار المتدنية ويقول لنا انها ارخص بكثير من
سعر قناني الماء التي نشربها في دولنا. وكان اغلبنا يستغرب هذا الكلام ويعتبره من باب المجاملة فقط. ورغم اننا كنا نحلم بالأسواق والتجارة الحرة الا ان الدولة وضعت في كل محافظة اسواق اشبه بالمولات الموجودة حاليا تسمى الاسواق المركزية او اورزدي باك ويتوفر فيها كل شيء يحتاجه المواطن وبأسعار ثابته وغير معرضة لمتغيرات الاسواق العالمية. هذه الحياة عاشها العراقيون منذ عام 1975 الى عام 1990 تقريبا حيث اصبح العالم ينظر الى العراق وخاصة بعد حرب الخليج الثانية انه قوة عسكرية غاشمة غايتها تدمير البلدان المجاورة وهذا ما كانت تتمناه رأس الشر في العالم الولايات المتحدة الأمريكية وقد سنحت الفرصة لها
خاصة بعد غياب الاتحاد السوفيتي بان تقوم بقيادة تحالف دولي ورقي وتستخدم كل قوتها العسكرية واسلحتها المدمرة والمحرمة دوليا لدمار البنية التحتية في العراق واعادته الى ما قبل عصر ظهور الثروة النفطية ولكن الحكومة العراقية وبمساعدة شعبها وقسم من أصدقائها المخلصين اعادة تلك البنية التحتية خلال سنة واحدة وهنا شعرت الولايات المتحدة الأمريكية بالضيق اكثر واعلنت مخاوفها من توجه الحكومة العراقية الى التطور في البناء والصناعة المدنية بدل التوجه للعسكرة وتجييش الشعب بأكمله. وادركت حينها ان العراقيون اذا ارادوا التوجه للصناعات المدنية وتحويل كل خبراتهم ومصانعهم التابعة لهيئة التصنيع العسكري
في حينها فسوف يصبحون اليابان الثانية في الشرق الاوسط وسوف تغزوا صناعتهم كل دول العالم فقامت بحشد جيوشها من جديد وبمساعدة رأس الفتنة بريطانيا وقسم من عملائها هنا وهناك وقامت بحرب تدميرية شاملة بحيث انها استخدمت الاف الاطنان من مفجراتها واسلحتها لتدمير العراق ولم تكتفي بذلك فقامت باجتياح الاراضي العراقية من شماله الى جنوبه واستبدلت الحكومة العراقية بحاكم مدني امريكي واصبحت المدن العراقية محتله بالكامل تحت صمت دولي كامل. وحدث الذي حدث بعد ذلك… اليوم برميل النفط قفز من عشرين دولار الى مئة وعشرة دولارات والاقتصاد العراقي متدني جدا والاسعار الاسواق المحلية في ارتفاع مستمر والمشتقات النفطية مستوردة من الخارج واسعارها في محطات التعبئة باهظة جدا قياسا بالوضع الاقتصادي للمواطن البسيط.. واغلب العوائل تحت خط الفقر.. والاهم من كل ذلك ان البلد بدون سيادة او احترام من قبل دول العالم كافة واصبح ساحة للتصفيات الخارجية. ومازال هناك من يعيش على امل عودة الروح الوطنية المخلصة لدى بعض ابناء الشعب العراقي.. فهل سوف تتحقق هذه الأمال ام ان الروح الوطنية الغيت من النفوس كما الغيت مادة التربية الوطنية من المدارس…..