-1-
بعد ان كان الصبيُّ العربي يُدهش الناس بفصاحته أصبحنا نرى معظم الشباب والكهول والشيوخ – بما فيهم من يرون أنفَسَهم مِنْ عليّة القوم – لا يحسنون الأداء لكثرة اغلاطهم اللغوية وشحطاتهم النحوية ويحق لنا أنْ نُقيم مجالس العزاء على لغة القرآن التي ضيّعها أبناؤها حتى بات المجرور مرفوعاً ..
والمرفوع مجرورا ..!!
-2-
تَذْكُر بعضُ كتُب الأدبِ قصةَ الصبيّ الفصيح مع المأمون فتقول :
« خرج المأمون الى الصيد يوما وانفرد عن عسكره ، فمرّ بحيّ من أحياء العرب ، فنظر الى صبيّ يملأ قربةً وهو يصيح :
يا ابت أدرك فاها ، غلبني فُوها ،
ولا طاقة لي بفيها ، فعجب المأمون من فصاحته على صغره وقال له :
من أنت بارك الله فيك ؟
فَنَسْمّى له ثم قال :
فمن أنتَ ؟
قال المأمون :
من بني آدم
قال الصبي :
صدقتَ فمن أيّ بني آدم ؟
قال المأمون :
من خيارهم
قال الصبي :
فمن مضر اذن ، فمن أيّها ؟
قال المأمون :
من خيارهم
قال الصبي :
فمن قريش ورب الكعبة فمن أيهم ؟
قال المأمون :
من خيارهم
قال الصبي :
فمن بني هاشم والله ، فمن ايهم ؟
قال المأمون :
أنا من تحسده بنو هاشم كلهم فتباعد الصبيّ عن المأمون وقال له :
السلام عليك يا أمير …
فرد عليه السلام وتعجب من ذكائه ..!!
-3 –
والمفارقة الكبرى ان بعض الأميين من أبناء هذه اللغة كان فصحاء على السليقة فيما نرى اليوم الكثير من أساتذة الجامعة وأضرابهم وهم يسمعوننا أعاجيب الرطانة ، وكأنّهم لم يدرسوا النحو وما ألّمْوا به يوما..!!
-4-
انّ التردي اللغوي هو احدى الظواهر المؤسفة في محيطٍ يدّعي بلوغ الدرجات العالية في الميدان العلمي والفكري والثقافي …