في يوم الغدير الموافق 18- ذو الحجة – 1216 هجرية والمصادف 21 نيسان 1801 غزت الدولة السعودية- الوهابية الاولى بقيادة سعود بن عبد العزيز ولي العهد في حكم عبد العزيز بن محمد، كربلاء المقدسة وحدثت الغزوة اثناء عيد الغدير وانشغال الناس بزيارة النجف الاشرف، استغل سعود هذه الزيارة للسطو على كربلاء المقدسة، وقد حدثت في تلك الغزوة جرائم كبرى راح ضحيتها 5000(خمسة آلاف) بين طفل وشيخ وامرأة، فضلا عن نهب المدينة وسلبها وسرقة محتويات ضريح الامام الحسين واخيه العباس عليهما السلام وهدم جزء من المرقدين الطاهرين. تشير المصادر التاريخية الى أنّ النفائس المسروقة من الاضرحة المقدسة والبيوت الآمنة لا يمكن تقديرها بثمن، فقد ضمّت مجموعات كبيرة من الاحجار النادرة والمجوهرات والبنادق والذهب والالماس والسجاد الفاخر وامور اخرى كثيرة لا يسع المجال لذكرها.
يذكر بعض المؤرخين انّ سبب الغزّوة هي قيام قبيلة الخزاعل بقتل 300 وهابي تابع للدولة السعودية اثناء مرحلة الهدنة بين العثمانيين وتلك الدولة بعد هجمتين عثمانيتين فاشلتين لاسقاط امارة الدرعية (يحكمها عبد العزيز بن محمد) بين عامي 1797 و 1798.
محاولة تسبيب الغزوة بحادثة قبيلة الخزاعل والهدنة بين السلطات العثمانية في بغداد وامارة الدرعية فيه مجافاة للحقيقة، فأذا كان الخلاف والغزو مع سلطات الوالي العثماني سليمان باشا، لماذا يدفع العزّل في كربلاء الثمن؟! التوجّه الوهابي إلى كربلاء المقدسة في ذلك التوقيت (زيارة الغدير) يشير بما لا يقبل الشك إلى كون الهجمة منظمة بدوافع طائفية وغايتها القضاء على اكبر قدر ممكن من ابناء الطائفة الشيعية وتهديم المراقد المقدسة. وتذكر مصادر المستشرقين الذين وصفوا الغزوة ب “الفاجعة” او “فاجعة كربلاء” و “الهجمة البربرية” وما الى ذلك من اوصاف، تذكر مصادرهم أنّ الهجوم حدث بالتواطؤ والاتفاق مع الحاكم العثماني في كربلاء (عمر آغا) الذي هرب الى الهندية هو وحاميته من دون اي مقاومة، وهروبه جاء بعد لقاء مع وفد وهابي خارج اسوار المدينة قبل الغزو بساعات.
الاتفاق بين الوهابيين وحاكم كربلاء (عمر آغا) يفنّد فرضية كون الغزوة حدثت نتيجة للعداء بين العثمانيين والوهابيين، ويؤكد الدوافع الطائفية الانتقامية التي تقف وراءها.
وفضلا عن آلاف الشهداء، استهدفت الحملة الوهابية العلماء والمراجع في المدينة المقدسة، ومن بينهم السيد عبد الصمد الهمداني والميرزا محمد طبيب الايراني والميرزا علي نقي اللاهوري والميرزا قمر علي والعشرات من العلماء الاعلام.
الموقف الايراني وكعادته كان مناصرة لقضية الشيعة، فقد عرض فتح علي شاه ثاني سلاطين الدولة القاجارية المساعدة على العثمانيين المحتلين للعراق آنذاك، وكان يسعى للقضاء على الدولة الوهابية (السعودية) الاولى ثأراً لمجزرة كربلاء، غير أنّ العثمانيين رفضوا العرض، وهذا ما يرسخ فرضية قبول العثمانيين بالامر، ويبدو قبولهم لاسباب طائفية ايضا. استطاعت الدولة القاجارية ان ترسل مئات العوائل الايرانية الى كربلاء بهدف الدفاع عن المدينة في حال حدوث طارئ. وهنا لا بدّ من الاشارة الى أنّ الانشغال الايراني بالازمة مع روسيا القيصرية، هو السبب الكامن وراء عدم قدرة الدولة القاجارية على معاقبة امارة الدرعية المارقة.
إنّ مقاربة احداث “داعش” الوريث الرسمي لدولة الوهابيين مع تلك الفاجعة، يدلل على عمق الحقد الطائفي وتحيّن تلك الفئة للفرص من اجل الانقضاض على الشيعة وابادتهم، وبالمقابل يشير الموقف الايراني المعاصر وتقاربه من موقفهم في تلك الفاجعة، الى المشتركات المتينة بين الشعبين والبلدين.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *