لم يكن خطاب سيد المقاومة الاخير تقليديا بكل المقاييس ، وهو يذكرنا بخطابات حرب تموز الشهيرة التي اوفى خلالها بكل وعوده وعهوده ،بوصفه القائد الاعلى لجبهة محور المقاومة في لبنان ، وكعادته فما نطق به لسانه هو عين ما يقصد بلا ادنى شك ،وما صرح به واضح وضوح الشمس ، وما يرمي اليه قام بمريره بدقة متناهية ،ولا جدال في ان ما جاء به الخطاب يكشف الاستعداد والجاهزية لمعركة مفتوحة ، فنصر الله الذي نعرف طالما تألق في المواعيد الكبرى ، وكعادته فهو يقدم النصح للاعداء و يتوعد المارقين الواهمين ويخطئ حساباتهم ، ويخيب ظنونهم ويدرك ما يفكرون به وما يخططون لفعله ،وبذكائه وحضوره اللافت المعتاد، تبدو روح الاقدام وعدم الخشية من قبول التحدي فالقضية حقة والعدو مارق مجرم متطاول مستحق للعقاب ، ولمن يفهمون لغة خطابه وجديته ،ربما سيدركون الاسباب التي دعته للتخلي عن الدبلوماسية والبعد عن التلميحات ،كما ان شروحاته للموقف الراهن ،و اصراره على بيان واقع الميدان ومسارات المواجهة مع الصهاينة ومن يدعمهم ،وضعهم امام خيارات واضحة في كونهم جزء من حالة الحرب على الشعب الفلسطيني ،فيما كان تحذيره لكل من يحاول التورط والدخول صريحا في هذه الحرب عبر دعم الغاصبين المحتلين بفتح القواعد العسكريةامامهم للاعتداء على لبنان واهلها كاشفا عن قدرة حزب الله على توسيع المواجهة وفتح المزيد من الجبهات ،وذلك لم يأت من فراغ مطلقا .
ستراتيجيا كان خطاب نصر الله تحذيريا وتصعيديا، وقد سبقه عرض موثق يظهر جزءا من قدرات المقاومين وما يمتلكون من تكنولوجيا حربية ،وما دعموا به ترسانتهم العسكرية ،لتكون اكثر فاعلية واذى وعلى اكثر من مستوى ، فاضافة للتسليح هناك المهاراة في توظيفه والتعاطي معه وتوجيهه باتجاه الاهداف المرسومة ،وربما ادركت الادارة الاميركية ان رأس حكومة الحرب التي يقودها المجرم نتنياهو في ورطة كبيرة ،لانه لم يعد يمتلك زمام المبادرة ،لسبب بسيط يرتبط بتغير خارطة القوة ،فجيش الاحتلال المنهك المنهار لم يعد يثق بما يمتلك من ادوات كما السابق ، كما ان اسلحة الردع التي تمتلكها المقاومة الاسلامية الغت جزئيا حالة التفوق الصهيو امريكي ، وما عاد به الهدهد كاشف عن بنك اهداف مرتفع ستطاله مديات الصواريخ القادرة فعليا على شل قبب المحتلين الحديدية ، فالتكنولوجيا المستخدمة تدعم لهجة هذا الخطاب التصعيدي المقتدر ،كما ان توقيت نشر واظهار لقطات دقيقة لهذه الاهداف وحجم المعلومات شكل بدوره صدمة قوية لقيادات جيش الاحتلال الصهيوني، التي ظنت ان حربها القادمة ستمتد من غزة للجبهة الشمالية لتصدم في النهاية بما لم تتوقع ،وهو امر يجعل من سلوك الامعان في التخريب والتدمير الصهيوني باعادة قصف كافة مناطق غزة، سيما العقد التي يظن انها كانت منطلقا لشن الهجمات الصاروخية واضح الغايات ،فالخوف من مواجهة حزب الله قد يحدث خللا متوقعا يسهم باعادة جبهة غزة للعمل المقاوم بشكل كفوء وفاعل،وذلك يعني مقدمة لهزيمة نكراء وربما لفوضى في العمق الصهيوني تسبق نهاية وجود الاحتلال بشكل عملي ،وذلك ما يخشاه بلينكين ومن معه من صهاينة اميركا الذين سارعوا للتهدئة في محاولة لنزع فتيل اندلاع مواجهة خطيرة وغير مسيطر عليها ..
على مستوى الحلفاء المستترين للكيان لم يفوت سيد المقاومة المناسبة ليجدد التحذير ويخص حكومة قبرص ويضعها في معادلة المقاومة الرادعة ،والتي لن تستثني احدا يعاديها ويحاول الافلات من الحساب ،لان ذلك غير وارد على اي حال ، ولان مثل هذا الحديث الصريح المبني على معلومة مؤكدة ومؤشرات ملموسة لتعاون قبرصي- صهيوامريكي ، لذا فأن الكشف عنه كان امرا اشبه بالتحييد واسقاط بعض الاوراق من يد العدو الصهيوني ،وقد دفع ذلك حكومة قبرص للمسارعة في نفي مثل هذه النوايا ،وهو تراجع اساسه الخشية من انتقام المقاومين وقدرتهم على تنفيذ وعيدهم .
خطاب السيد نصر الله كان شاملا عن الحرب وتحذيراته ايضا كانت جدية وحازمة ،وما لمسه العدو قبل الصديق هو العزم على خوض مواجهة شاملة بلا قيود برا وبحرا وجوا ان تعرضت لبنان لعدوان واسع ،ما يعني ان الرد سيكون مزلزلا ولا يوجد مع ذلك مجال للشك بقدرة المقاومة على اجبار جيش الاحتلال وداعميه على دفع الثمن ، وقد ادرك هؤلاء ان الرسالة الاهم ربما والاكثر جدية هي ان فرض مثل هذه الحرب على لبنان ،يعني ان لهذا الرد مديات تتجاوز الجغرافيا الحالية ،وسيكون البحر المتوسط باتساعه وبما فيه من مرافئ وسفن حربية ساحة معركة ،لا يمتلك الاميركان وغيرهم الاحاطة التامة بتفاصيلها وتكتيكاتها ،فالوعود الصادقة ستنفذ وستطال كامل الاراضي المحتلة، من البحر الى النهر ومن الجليل حتى ايلات ، وفي عرض البحر هناك ما هو اقسى واشد واكثر ايلاما ،فانتظروا رد رجالات حزب الله وسيد المقاومين ومن معهم و،ذلك ما ينبغي ان يفهم من مضمون هذا الخطاب التاريخي الشجاع المقتدر ( انه بسم الله قاصم الجبارين ) ،فما خابت امة يتحدث بلسان حالها الشجعان الصادقين ،وما النصر الا من عند الله، وبشر الصابرين ..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *