عندما قامت حكومة إقليم كوردستان العراق بتأسيس مركز البحوث القانونية في وزارة العدل، وأظنُّ ذلك في عام 2021، إعتقدنا أنه مركز سيهتم بنشر الثقافة القانونية على نطاق محلي محض، قد لا يتجاوز حدود الاقليم أو كحد أقصى لا يتجاوز حدود العراق، لكن من خلال التواصل بين زملاء لنا في الكثير من البلدان العربية وغيرها، تفاجأنا أن منشورات المركز وصلت مدىً بالغ الأهمية، حيث تألقت مجلة المركز من بين كافة المجلات المتخصصة في العلوم القانونية، فكانت مجلة العقد الاجتماعي مجلة تمثل العراق ككل بما لها من قيمة علمية ورصانة في موضوعاتها ، إذ لم يكن في العراق مجلة تضاهي المجلات التي تشكل كل واحدة منها أيقونة لدولتها، كمجلة الحقوق الكويتية ومجلة الشريعة والقانون الاماراتية ومجلة القانون والاقتصاد المصرية، فقد أصبح العراق يمتلك مجلة بمستوى هذه المجلات إن لم يكن أرفع وهي مجلة العقد الاجتماعي العراقية التي يعود فضل إصدارها وتصدّرها لكافة المجلات العربية في رصانتها العلمية وفي جودة طباعتها وأناقة غلافها إلى حكومة إقليم كوردستان العراق، التي حرصت بكل إقتدار على صون العظمة لهذه المجلة في إختيار هيئتها الاستشارية وهيئة تحريرها بكل إمعان وتبصر.
مفارقة عظيمة
كما أنها، ويا لهذه المفارقة العظيمة، المجلة الوحيدة المحكّمة في العراق التي لا تتقاضى من الباحثين أجوراً للنشر بفضل دعم حكومة إقليم كوردستان العراق لها، فأيُّ رسالة أبلغ من هذه!. ليس هذا فقط، بل أن المركز أصدر مطبوعات لكبار المفكرين والفقهاء عبر منصتي الكتب والكتب الصغيرة، فقد كانت هناك مؤلفات لكبار الفقهاء في العالم العربي أمثال الدكتور حسام الدين الأهواني والدكتور حسن علي الذنون والدكتور أحمد الكبيسي والدكتور حامد زكي والدكتور عبد المجيد الحكيم وغيرهم الكثيرين، بحيث أن إصدارات المركز خلال مدة الثلاث سنوات بلغت 22 إصدارا من الكتب ومثل هذا العدد من الكتيبات التي تناولت موضوعات غاية في الأهمية.
هل إكتفى المركز بهذا القدر، لا بل عقد العديد من المؤتمرات الناجحة والندوات العلمية التي إستضافت كبار المفكرين من العراق وخارجه تحت عناوين مختلفة لطاولات مستديرة متعددة.
لا شك أن المنجزات الكبيرة مدعاة للفخر والاعتزاز وضرورة الحفاظ عليها واجب الخيرين والحريصين على المزيد من التقدم ، بلا مجاملة او مبالغة وانما شكر قارئ ومتابع لمنعم وكريم . شدني جدا ما سمعته عن منجزات هذا المركز الفتي الغني الثري بمنتجاته، مما دعاني منذ فترة ان اتابع جهوده الفكرية واصداراته العلمية، لدرجة أني شعرت أن هناك منظمة دولية كبيرة وميزانية مالية ضخمة تقف وراء نجاحات مركز البحوث القانونية في وزارة العدل في كوردستان العراق، لكن الأمر هو دعم حكومي برؤية حكيمة رشيدة وذكية للغاية جسّرت فيها حكومة الاقليم جسراً متيناً للعالمية في نشر الثقافة القانونية باللغتين العربية والانجليزية، ليبلغ صداها مشارق الأرض ومغاربها.
إن هذا الانجاز الذي حققته حكومة الاقليم في دورتها الحالية برئاسة رئيسها السيد مسرور بارزاني، يذر الرماد في عيون كل من تسول له نفسه اتهامها بمعاداة اللغة العربية، فكلما أرى منتجاً جديداً لهذا المركز أنتشي فرحاً حينما اراه يعانق العالمية ويصل مع جميع مطبوعاته الدول العربية وغير العربية، حيث يجد الجميع إصدارات المركز منتشرة في كل معارض الكتب في البلدان العربية في المغرب والجزائر والسعودية والكويت والامارات وقطر وغيرها، بل وحتى غير العربية، فهناك من إشترى بعض أعداد مجلة العقد الاجتماعي من أحد المعارض في فرنسا، كما أن أحد الباحثين قد وجد كتاب قصة العدل للسيد وزير العدل في الاقليم الأستاذ فرست أحمد عبد الله في مكتبة جامعة إكسفورد البريطانية، إضافة إلى أن صدى المركز بنشاطاته المتميزة وصل إلى جبال سويسرا، فعقد الندوات واللقاءات العلمية وبمشاركة فاعلة من أغلب الدول الأوربية.
صوت عالمي
وهذا يعني أن العراق اليوم أضاف إلى أجندته صوتاً عالمياً مسموعاً باشعاع فكري وقانوني منطلق من جبال كوردستان الخضراء ليغطي بضيائه العالم أجمع.
وكلما طالعت اصدارات المركز وتابعت جهود كوادره المعطاءة اتمنى ان يكون في وزارة العدل ببغداد مركز مثله ينافسه وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، ولكون ان هذا المركز تابع لوزارة العدل في الاقليم، لا يسعني إلا ان أُقّدم لحكومة كوردستان رئيسا ووزارة وشعبا على ولادة هكذا مركز علمي رفع رأس العراق عاليا لا فقط كوردستان وكان هوية ثقافية عراقية مرسلة الى العالم لتثبت لهم ان العراق بشماله وجنوبه وغربه وشرقه قد يتعثر ولكن سريعا ما يقف اقوى من ذي قبل. كما ونشكر المسؤولين في الاقليم ثانية لأنهم اختاروا لرئاسة هذا المركز عالم فاضل من علماء القانون في العراق والعالم العربي ملئت كتاباته و مؤلفاته الافاق و سدت فراغات المكتبة القانونية العربية لا فقط العراقية انه الاستاذ المفضال الدكتور محمد سليمان الاحمد، صاحب القلم الذي يقطر في كل حين موسوعة وكتابا وبحثا و يفتح بحروبه المستمرة قلاع الموضوعات القانونية العصية على البحث والتأليف.
لذا وانا احتضن في كل فترة اصدار من اصدارات هذا المركز العالمي و انهل منه رؤى قانونية جديدة يحدوني الامل ان العراق لا زال بخير وان كوردستان جبل أشم يشارك في رسم جمالية بلدنا دائما .
فمن خلال صحيفة الزمان الوردة الحمراء النابتة في بغداد ، المرسلة عطرها الى جميع انحاء العراق وخارجه ، اقدّم شكر خالص لكادر هذا المركز المعطاء متمنيا لهم دوام الابداع والتألق والاستمرار في القمة .