في عالم الغيب الذي لا يعلمه الا الله شاءت حكمته أن كل مولود يولد وقد كتب على صفحته سعيد أو شقي ، اذ قدر له ان تكون خاتمته حسنة وجزاؤها الجنة أو أن تكون خاتمته سيئة وجزاؤها النار ، وكل انسان مرهون بايمانه وعمله ، وقد تكرر ذكر ذلك في آيات قرآنية كثيرة .
لذا فحري بنا أن نتأمل في هذه المعادلة الربانية حتى تمضي بنا سفينة الحياة على ما تصبو اليه نفوسنا من طمأنينة وسكينة وراحة .
ان البعض قد يرى ان سعادته تكمن في جمع الثروة او في كثرة الاولاد ، وهي نظرة خاطئة لأن الله يقول ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا ) فالمال قد يكون نقمة على صاحبه ان لم يحسن التصرف به وقد يشغله عن ذكر الله وقد يسوقه الى اللهو والمتعة والمحارم وقد يرافقه قلق يجثم على نفسه يحيل حياته الى حيرة وعذاب .
ولو تأملنا في حياة هؤلاء الذين يمتلكون الثروات نجد ان اكثرهم افتقدوا السعادة وان حاولوا اخفاء الحقيقة ، فهم في صراع مع الوقت لكسب المزيد من المال حتى انهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم ونسوا ابناءهم وتركوهم يعبثون دون رقيب لينحرفوا عن جادة الطريق .
ولعل الكثيرين ممن تتوفر لهم لقمة العيش التي تسد رمقهم والمسكن الذي يسترهم والعافية التي تظلل أبدانهم هم اكثر سعادة من غيرهم لاسيما اذا احتواهم ايمان وقناعة ورضا .
فالسعادة هي احساس وجداني يلامس القلب والروح ، وهي ايحاءات تظللنا بالدفء لترسم على ملامحنا البهجة ومعها الاشراقات المضيئة ، وليست السعادة مجرد ابتسامة وضحكة ولهو وعبث …هذا وهم بل هي غفلة لخداع من فقد الرؤية لعالم روحاني يعطيه جرعات من السكينة والطمأنينة ، ألم يقل الله ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) أجل هنا تكمن حقيقة الايمان والانقياد لمحبة الله التي هي فوق كل محبة .
وفي آخر المطاف نقول أنك شقي لأنك جهلت ابسط حقائق وجودك ، وأنك سعيد لأنك اخترت طريقا أدركت فيه حقائق وجودك .