مهما كانت خطوات التحالفات التي اعقبت الإعلان عن نتائج الإنتخابات، تبقى عبارة عن إجراء طبيعي تقوم به الكتل الفائزة مالم تكن تلك التحالفات ملبية لحاجة الناس وكل ما يتعلق بأسباب العيش الكريم.
إضافة لذلك ان الجماهير تتعامل مع من يتصدى للشأن السياسي بناء عن رؤيته ومشروعه ومدى إنعكاسه بشكل إيجابي على حياة الناس، فهي غير معنية بمنزلة هذا السياسي في نفوس اتباعه ولا يهمها كثرة الألقاب وأساليب الخطاب وحجم الهالة وصفة القداسة التي ينعت بها، بقدر ما تكون الأهمية لبسط الأمن وتحسين الخدمات والنهوض بالواقع الصحي.
بعيدا عما قيل ويقال عن الإنتخابات ونتائجها، يمكن إعتبار الصدر من القادة الذين نجحوا في إقناع جمهورهم بالبرنامج الإنتخابي الذي أعد كمنهاج عمل لحكومة الأغلبية التي اتخذها الصدر شعار انتخابيا وهو ماض في تهيئة أسباب نجاحها ووصل الموضوع إلى مستويات عالية من التفاهم مع بعض الحلفاء.
تعرضت خطوات الصدر لتحقيق مشروعه لحملة واسعة من الانتقادات لعدة أسباب بعضها لا يصمد أمام التحليل الموضوعي ومراجعة المناهج السابقة لمختلف المسميات السياسية، في حين يحمله البعض مسؤولية اختزال القرار الشيعي والذهاب مع حلفاء لا يمكن الوثوق بهم ناهيك عن خشية البعض من أن ذلك ربما سيكون بداية لضياع المنصب التنفيذي الأول من المكون الذي يمثل الأكثرية.
ربما للصدر أسبابه التي يعتقدها والتي تحول دون إنفتاحه على بقية الشركاء في الساحة الشيعية لكنه كان شريكا اساسيا في جميع الحكومات التي تشكلت بعد إسقاط نظام البعث الحاكم آنذاك، فهذا الموضوع يمكن النظر اليه من جانبين، اما أنهم كانو بحاجة لعدد من الأصوات التي تؤهلهم دستوريا لنيل الثقة لذا منح الرجل عددا لا يستهان به من الوزارات والدرجات الخاصة ولم يك ذلك لسواد عينيه، أو أنه تصرف مع الموضوع بحنكة وذكاء وجعل منهم جسرا يصل به لما هو عليه الآن من أغلبية واضحة تمكنه من رسم القرار والتحكم بمصير البلد.
أي ما يكن فمعادلة اليوم افرزت الكتلة الصدرية ممثلة لاصوات الوسط والجنوب في تحالف ضم الحلبوسي والخنجر ممثلان للمكون السني، والحزب الديموقراطي الكوردستاني لتكتمل الصورة بمرتكزاتها الثلاث التي تعبر عن واقع المجتمع العراقي.
الحديث بلغة التقييم لهكذا تحالفات لا يعني بالضرورة محاكمة النوايا والتقليل من شأنية الأصوات التي حصل عليها المتنافسون، بقدر ما هي وخز الذاكرة التي باتت رهينة للمواقف العاطفية وسهلة الانقياد خلف ما يدعيه المتصدون
لذا لايمكن الحكم ببراءة الملاحظات التي طرحتها بعض الكتل المنضوية تحت عنوان الإطار التنسيقي، كونها سبقت الصدر في احتضان بعض الأشخاص الذين تبنوا مواقف سلبية من العملية السياسية برمتها، بل كان لهم السبق في منح صك البراءة لامثال خميس الخنجر صاحب المواقف المعروفة للقاصي والداني ليكون إضافة عددية لتحالف البناء الذي دعم الحلبوسي لرئاسة البرلمان بالضد من مرشح تحالف الإصلاح إضافة لسعيهم الحثيث لمنح الثقة لمرشح مسعود البارزاني فؤاد حسين الذي اخفق في حصوله على العدد الكافي من الأصوات التي تمكنه من الوصول لرئاسة الجمهورية!.
تلك المعطيات تعكس حقيقة لابد من الإعتراف بها وهي ان الثابت الوحيد في العمل السياسي هو المواقف المتغيرة تبعا لتغير المصلحة.
ما يشهده الواقع الشيعي اليوم وفي ظل الاحجام البرلمانية الحالية وذهاب الصدر في تحالفاته بعيدا عن ممثلي الحاضنة الانتخابية لممثلي المكون الشيعي يؤكد أن الكيانات الممثلة للمكون الأكبر قد اخفقت في لملمة اطرافها واتفافقها على منهاج عمل موحد وانشغلت في كيفية إقصاء بعضها للبعض الآخر وعدم أخذها بإرشادات المرجعية الدينية التي طالما اوصت برص الصفوف والاتفاق على قاسم مشترك للمضي في مشروع متفق عليه تكون لها كلمة الفصل واليد الطولى في رسم السياسات العامة للبلد لتبعث من خلالها رسالة تطمئن لها بقية المكونات بدل أن يتحول المكون الأكبر الى كيانات شتى تستجدي التأييد من هذا وذاك.