( صحيح انت بطران .. يا فنان يا شعبان يا رمضان .. البلد مشغول واقف على أهبة الاستعداد .. والبرلمان نار وبارود ويا ستار .. ) .. هكذا رد علي احدهم حينما كنت اتحدث في الكيا ( وهي باص خاص تتنقل بواسطته طبقات الشعب التي لا تمتلك سيارة خاصة ) ..
قبل يومين اتصل بي شيخ الملحنين العراقيين الأستاذ الفنان محسن فرحان وقد بدى تعب حد الإرهاق بل الإحباط كما ان دموعه تحشرجت اكثر من غصة اثناء حوارنا لما يعانيه الشاعر العراقي كاظم السعدي الذي كتب العديد من الأغاني التي ما زالت ساكنة الوجدان العراقي والعربي الشعبي والرسمي خلال ثلاث عقود خلت ..
فقد بلغني ان السعدي الذي غادر البلد نهاية التسعينات بسبب الظروف العامة آنذاك متوجها الى دولة الامارات الشقيقة التي عاش فيها عشرين عام .. من العمل والعطاء حتى عاد قبل سنتين الى العاصمة الحبيبة بغداد .. بعد ان كبر واحس بالتعب .. وقد تعرض الى وعكة صحية اسكنته الفراش .. وان ظروفه العامة صعبة والحالة المادية للفنان العراقي عامة ليست على ما يرام .. سيما بالنسبة لاغلب الفنانين والرياضيين والإعلاميين والادباء .. وغيرهم من نخب شعب الذين لا يجيدون فنون التجارة ولا يعبأهون كثيرا بجمع المال باعتبارهم نخب مشغولة ومتفرغة لمهام وادوار يؤدوها ويعيشوا المواطنة وبناء الحضارة من خلالها ..
وهذا يعد مطبا خطيرا يقع فيه اكثر الادباء سيما في ظل ظروف وحكومات عراقية متعاقبة وخلال عقود خلت – للأسف الشديد – لم تعطي أهمية قصوى لشريحة المثقفين والادباء والفنانين والاعلامين .. باعتبارهم ملف حضاري مهم يجب احترامه وحمايته وصيانته في الشباب والكبر ..
كاظم السعدي كتب للفقراء للشعب للامهات للعشاق للمقاتلين … غنى له كاظم الساهر وحاتم العراقي ورياض احمد وياس خضر وغيرهم .. كما غنى له الفنان الاماراتي حسين الجسمي رائعة ( كلنا العراق ) التي ما زالت تتردد بقوة على السنة العراقيين والخليجين والعرب بكل مناسبة رياضية ووطنية ..
شاعر الشعب ( السعدي ) في المشفى وحيدا وبظروف صحية ومادية ونفسية قاهرة .. يحتاج وقفة وطنية إنسانية فنية اصيلة .. فهل من لفتة اصيلة ( حكومية او برلمانية او نخبوية او جماهيرية محلية او عربية .. انه الفن والرمزية …) .
ان الأمم التي لا تحترم رموزها لا إمكانية لنهوضها ولحقاها بالركب الحضاري مهما لهثت وحاولت ..
والله من وراء القصد وهو راحم الراحمين !!