في كل منظومات العمل الانتخابي الديمقراطي ، الفائز بالأغلبية يتولى إدارة السلطة على وفق برنامج سياسي واقتصادي وتنموي وثقافي ، وله صلاحية اشراك القوى الأخرى الفائزة في الانتخابات أو شخصيات معروفة في الأداء والفعالية إذ كانوا من العاملين في دوائر الدولة ، أو خارجها بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو من نخب الجامعات والدوائر العلمية ، هذا يجري في الدول المجربة حسب علمنا .
والمواطن يحكم على الحزب الحاكم أو الجهة المتحالفة معه من خلال البرنامج وتجربة اداءة في الحكم في الفترات السابقة ، ولكن معاناة المواطن العراقي من الحكم ، انعكست على المعاناة العامة للمجتمع ، فالجهة الفائزة لا تستطيع تأليف الحكومة إلا بمشاركة الطوائف الأخرى حتى لو شملت الحكومة مختلف الوان الطيف العراقي ، والفائز في اغلبية البرلمان لا يقدم للشعب والقوى الأخرى برنامجه بحجة إن هذا البرنامج يقدم من خلال رئيس الوزراء القادم .
ومثل هذا الموقف يخلط الأوراق لدى الكثير من المستقلين والقوى الوطنية والأكاديمية الحية في المجتمع ، والادهى من ذلك إن مشروع الأغلبية الوطنية يتحول الى توافق الكيانات المذهبية بغية اقصاء الأطراف الأخرى ، وبهذه الحالة يصبح الصراع والتناقض قائماً ليس على مستوى اركان الحكم وحدهم وإنما الدولة والمجتمع ، فكل طرف يريد ابعاد وتسقيط الطرف الاخر ، وبذلك لم نحظى بحكومة وطنية كونها تضم جزءً من الأطراف المذهبية والعرقية ولا نعتقد من إنها تتخطى عجز الأطراف الأخرى . لو كان العمل السياسي سليما والنهج الوطني يغلب النهج الطائفي والعرقي بعد 2005 وهو الزمن الذي اعلن فيه عن الدستور (الإشكالية ) لتم الاتفاق على تنصيب اياد علاوي رئيساً للوزراء كونه حصل على اغلبية أعضاء مجلس النواب ، ولكن الالتفاتات التي جرت في ذلك الوقت انتجت هذا الوضع الذي انطوى على الصراعات على السلطة وموارد العراق .والان بعد فوز التيار الصدري بالأغلبية كان من المفترض ان يشكل الحكومة ، حكومة الوطنية أو الأغلبية الوطنية ، ولكن عندما يتحالف مع اطراف مذهبية وعرقية ويبتعد عن الشخصيات الوطنية أو عن الأطراف الأخرى ، لا يمكن تسميتها بحكومة الأغلبية الوطنية لكونها اقصت نصف الاكراد واكثر من نصف الشيعة ، ولم تستغل اغلبيتها في الفوز باختيارات وطنية وإنما لجأت الى المحاصصة ، وكأن العراق مكتوب عليه منذ الغزو حتى الان أن لا يخرج من دائرة التحالفات المذهبية والعرقية التي تمت تجربتها بالفشل طيلة السنوات الماضية .
وعلى وفق ذلك يبقى الشك قائما فيما إذا تم اختيار السيد جعفر الصدر وهو الشخصية العراقية الوطنية المعروفة رئيساً للوزراء ، فهل يعطى صلاحية تشكيل الحكومة من شخصيات عراقية كردية وعربية ومن الفصائل الاجتماعية الأخرى خارج سياق المكونات الحزبية ، لانعتقد أن يتحقق ذلك ، بسبب كون المشتركين في تحالف الأغلبية الوطنية هم اساساً بنو تحالفهم على أساس مكوناتي عرقي طائفي ، وإلا لما كان هذا الاختلاف والتناقض على منصب رئيس الجمهورية وحكم السلطة .مايهمنا كمواطنين ومجتمع أن تفرخ البيضة طيراً صحيحاً وليس عليلاً يبتلي المجتمع في مداراته . نريد حكومة تخدم المجتمع وتبني الوطن وتستقل في قراراتها ، ولكن الملاحظ إن تأثيرات القوى الخارجية في الداخل العراقي اقوى من مطالب الشعب في الاستقلالية والحرية وبناء الدولة المدنية المؤسساتية .
عن مجموعة الواتساب