من القادر على أن يلملم أشلاء العراق وينفخ فيها نسمة الحياة ثم يضعه على السكة؟. لا أحد إلا الله متى ما أراد أن يمن بلطفه. متى؟ لا بشارة تلوح في الأفق على فرج آتٍ. لماذا؟ لأن الملأ أقسموا مع بعضهم على أن يستنزفوا هذا البلد حتى الموت. منذ تسعة عشر عاماً سوداً وعجافاً ومتسولو الأرصفة وفاقدو الذمة والدين والضمير ممن أحضرهم الإحتلال معه أو ممن زحفوا خلفه أو ممن تسللوا فيما بعد ممتطين موجة الردة الحضارية التي إجتاحت البلاد لم يتورعوا عن فعل أي موبقة. نهبوا المال العام وأتوا على ما كان قائماً من ملامح دولة وأعادوها الى عصر ما قبل الصناعة. وحوش تجتمع على فريسة. جائعون يتحلقون حول مائدة عامرة بالخيرات. أكثر مما يلفت النظر فيهم أنهم، وخلافاً لما كان متعارفاً في أوساط اللصوص والقتلة من قبل، لم يعودوا يخجلون من أفعالهم. بل أنهم يفتخرون بها. انهم يفتخرون وأمام العالم وبكل صلافة ووقاحة بعمالتهم للأجنبي أو بتلقيهم الرشى أو بسرقتهم للمال العام أو بإعتدائهم على إنسانية المواطن العادي وسلب حقوقه وبإحتقارهم للقانون ولمؤسسات الدولة وللقضاء المستقل. أمام هذه النماذج من المخلوقات الشاذة والمتوحشة هل بإلإمكان التحدث عن مستقبل واعد ينتظرهذا الشعب؟ لا. كان لدينا أمل ولو باهت في الإنتخابات لكن هؤلاء الذين إنغمسوا في الفساد وألاعيبه ومغرياته ومكاسبه لا تنفع معهم إنتخابات فلقد إكتسبوا خبرات كبيرة ومتنوعة في الإلتفاف على نتائجها، ولا تنفع معهم كذلك صرخات المتظاهرين التي تعلوا في الشوارع والساحات مطالبة بأدنى حقوقهم لأن سياسيي الصدفة هؤلاء يستخفون بها ولا يلتفتون اليها. ما الحل؟ لنقلها بصراحة أن لا حل يبدو في الأفق.
كان ثمة أمل ينبض من قلب تظاهرات تشرين لكن هذا الأمل بات بريقه يخفت شيئاً فشيئاً مع تذبذب إختيارت بعضاً ممن وصل الى البرلمان عبر تلك التظاهرات ولا نريد أن نستبق النتائج منذ الآن. كيف يمكن أن نعيد تألق ونبض تشرين؟
ربما يحتاج الأمر الى قيادة شبابية مبدأية لا تفاوض على المغريات وهي كثيرة جداً وتختار طريق المنازلة السلمية حتى النهاية وحتى السقوط النهائي لكل من ساهم في تكوين مشهد ما بعد 2003.