هناك جدل واسع حول محاولة إقرار قانون يتحدث عن الدعم المالي الطارئ للأمن الغذائي والتنميةِ ونحن ندعم هذا التوجه ولكن بامتلاك سلاسلَ التجهيزِ لـ (الخبز، الرز، التمر، السكر، زيت الطعام، المحاصيل الموسمية) حيث إنَّ العالم بدأ يبحث بصورة جادة عن امتلاك سلاسل التجهيز لكل المواد والمحاصيل الاستراتيجية بعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا فوجد العالم نفسه أمام تحدٍ كبيرٍ لتبني قــــــــرارات وإجراءات عقابية على دولة معينة ولكنها لا تستطيع الاستغناء عن منتجاتها وخدماتها سواءً كانت كاملة الصنع أو تدخل في صناعة منتجات أخرى، لذلك بدأت دول العالم باعتماد فلسفةٍ وإجراءاتٍ جديدةٍ تعمل على سدِّ حاجاتها بالكاملِ داخلياً أو بتنويعِ مصادر التجهيز الخارجي ليكون لها أكثر من خيار.
أمن غذائي
وهنا لسنا بصدد الحديث عن إجراءات هذه الدول بقدر ما نحن معنيون بطرح استراتيجية الأمن الغذائي العراقي التي تؤمن كامل أو أغلب حاجة العراق من المحاصيل الاستراتيجية داخلياً دونَ الحاجة إلى استيرادها وامتلاك
سلاسل التجهيز لـ (الحنطة، الشَّعير، الرز، الذُّرة، زهرة الشمس، القطن، التَّمر، السِّمسم، المحاصيل المهمة الأخرى) وهذا يؤسس لبناء الركيزة الأهم بالاقتصاد وهي (الزراعة) والتأسيس للركيزة الثانية (الصناعة) وصولاً للركيزة الثالثة (الخدمات)؛ لأنَّ أي َّ اقتصادٍ آمنٍ يجب أن يرتكز على هذه الأعمدة الثلاثــــــة ليكون مستقراً وقوياً وواعداً ومعتمداً بالكامل على الإنتاج المحلي.
هنا لا بدَّ من التأكيد أن الأمن الغذائي لا يتمُّ بتكديسِ الموادِ الغذائية أو تأمينها من الخارج ولكن بامتلاكِ سلاسلَ تجهيزها ابتداءً من البذور وصولاً إلى تصنيعها كمنتجات، وهذا ينعش الاقتصاد ويقضي على البطالة ويحفز الاستثمار الداخلي (يعني المستثمرين العراقيين) فضلاً عن جلب الاستثمار الخارجي.
امتلاك سلاسل تجهيز المحاصيل الاستراتيجية والمهمة يتطلب مجموعة من السياسات والعمليات والإجراءات تضعها استراتيجية شاملة تشترك في صياغتها كل الجهات المعنية (وزارة العلوم والتكنولوجيا، وزارة التخطيط، وزارة التعليم العالي، وزارة الزراعة، وزارة البيئة، المنظمات المعنية بالزراعة، المنظمات المعنية بحماية المستهلك، تجار التجهيزات الزراعية والبذور، الجهات ذات العلاقة) تأخذ على عاتقها البدء من الآن بتحديد الأراضي الصالحة للزراعة ونوعية المحاصيل التي تتلائم مع كل تربة واستصلاح أراضٍ جديدة صحرواية وغيرها، وتحدد ضوابط وأدوار كل مرحلة من مراحل السلسلة (تشكيل غرفة عمليات (الأمانة العامة للمجلس الوزارء) مــن الجهات المذكورة والمعنية للبدء بصياغة الاستراتيجية ويكون الباب مفتوح لكل الخبراء المشـــــهود لهم بابداء الرأي أو الاطلاع والمشاركة بصناعة القرار ووضع الأهداف وآليات التنفيذ) وكما يأتي:
1- تخصيص موازنة مستقلة لتنفيذ استراتجية الأمن الغذائي بمحددات تقنية وعلمية وموضوعية رصينة تضمن التنفيذ وتحفظ الأموال والموارد من الهدر أو السرقة أو سوء الإدارة أو الفساد.
2- تحديد أنواع البذور المسموح باستيرادها للخمس سنوات القادمة ويتم ذلك وفق أعلى المعايير والمواصفات، وعدم السماح بتداول أو استيراد أي أنواع غير مرخصة (إنشاء مختبرات متطورة بمساعدة التعليم العالي والزراعة والعلوم والتكنولوجيا).
3- البدء بانتاج البذور محلياً عن طريق وزراة الزراعة والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والقطاع الخاص وفق معايير ومواصفات تحدد وتراقب من قبل الجهات المعنية.
4- تحديد أنواع الأسمدة والمنشطات والمبيدات الزراعية وفق أعلى المعايير والمواصفات وعدم السماح بتداول أو استيراد أي أنواع غير مرخصة (إنشاء مختبرات متطورة بمساعدة التعليم العالي والزراعة والعلوم والتكنولوجيا).
5- البـــدء بإنتاج جميع أنواع الأسمدة والمنشطات والمبيدات الزراعية محلياً عن طريق وزراة الزراعة والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والقطاع الخاص وفق معايير ومواصفات تحدد وتراقب من قبل الجهات المعنية.
6- تحديد الأراضي ونوع المحصول ودعم الفلاح الذي يلتزم بالخطة المحدده له من قبل الدولة ومكافأته كلما حقق الهدف المحدد.
7- توفير البذور والمكائن والمعدات الزراعية وبأسعار مدعومة من قبل وزارة الزراعة والتجارة وتكون الأولوية للفلاح أو المستثمر الذي يلتزم بالخطة ويحقق الهدف.
8- تقــــديم النصح والإرشاد للفلاح أو المستثمر حول تهياة الأرض وعملية الابذار والسقي واستخدام الأسمدة والمبيدات الزراعية بما يؤمن النمو الصحيح والآمن والانتاج الوفير.
9- شراء المحصول من الدولة بأسعار عادلة تحفز الفلاح على الاستمرار وتؤمن استمرار السلسلة.
10- تحفيز الاستثمار بانشاء مصانع لانتاج الطحين والزيوت وباقي المنتجات التي تكون المحاصيل مادتها الأساسية وضمان التدفق المستقر والمستمر للسلسة.
يتم البدء بهذه الاستراتيجية من الآن والعمل على تحديثها وتعديلها كلما دعت الحاجة والسوق والسلسلة إلى ذلك. (إعداد نفس الاستراتيجية للأمن الغذائي فيما يتعلق بالثروة الحيوانية ومنتجاتها).
# الأمن الغذائي لايمكن أن يتحقق بالاستيراد وتأمين الاحتياجات؛ لأنها في تزايد وخاضعة للمنافسة الدولية ولكن امتلاك سلاسل تجهيز الغذاء النباتي والحيواني يحقق التنمية الاقتصادية ويعزز السيادة ويرسخ مفهوم الدولة.