عديدة هي الأكاذيب التي سوقتها إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الابن لتبرير غزو العراق عام 2003 وإسقاط نظام الحكم فيه والتي لم تصمد هذه الأكاذيب طويلاً أمام الأهداف الحقيقية للغزو وثبت بطلانها وعدم صحتها وسقطت الواحدة تلو الأخرى خصوصاً بعد الغزو والاحتلال وأول هذه الأكاذيب أكذوبة أسلحة الدمار الشامل حيث كان العالم كله قد عرف تلك الأكذوبة وقبله كان الرئيس الأمريكي ومساعديه من عرابي الغز ويعرفونها جيدا فمن خلال عملائهم في لجان التفتيش الدولية كانوا متأكدين بان العراق لم يعد يمتلك أسلحة دمار شامل وفتش الأمريكان وحلفائهم كل مكان بعد الغزو فلم يجدوا هذه الأسلحة المزعومة التي كانت المسوغ والذريعة الأمريكية لشن هذه الحرب المدمرة .
وبعد أن ثبت للعالم بطلان كذبة أسلحة الدمار الشامل فقد اختلقوا كذبة أخرى كمبرر آخر للغزو ألا وهي أكذوبة الديمقراطية أي تغيير النظام الشمولي في العراق الذي اتهموه بأنه كان يهدد الأمن والسلم العالميين وتربطه علاقة بتنظيم القاعدة بنظام ديمقراطي يكون مثالاً للأنظمة الديمقراطية في المنطقة لكن هذه التهمة هي الأخرى لم تصمد بعد ان كشرت أمريكا عن أنيابها وأفصحت عن نواياه الحقيقية بعد الغزو والاحتلال.
ان الأسباب الحقيقية للحرب القذرة والغزو البربري الأمريكي للعراق هي إيقاف بل وإنهاء الخطر الذي كان يشكله العراق ونظام الحكم فيه على أمن إسرائيل ومصالح أمريكا في المنطقة بعد أن أصبح العراق مصدر لهذا الخطر الكبير ومعه بعض الدول العربية التي غيروا أو حالوا أن يغيروا أنظمة الحكم فيها بعد غزو العراق بما يسمى بمهزلة الربع العربي مثل سوريا وليبيا ومصر فالأسباب الحقيقية للغزو هي تدمير العراق أرضاً وشعباً وتدمير قدراته العسكرية والعلمية والتكنولوجية والصناعية وإشاعة الفوضى والصراعات الطائفية والعرقية وتدمير بنية المجتمع العراقي وتفكيك عرى وحدته وتدمير روحه الوطنية هذه هي الأسباب الحقيقية للغزو فلا أكذوبة أسلحة الدمار الشامل ولا علاقة النظام بتنظيم القاعدة المتطرف ولا تحقيق الديمقراطية والأمريكان وحلفائهم واغلب دول العالم كانوا يعرفون ذلك جيداً.
أمن اسرائيل
إذن ان أحد أهم أهداف الغزو البربري هو حماية أمن إسرائيل وعدم الإخلال بميزان القوة في منطقة الشرق الأوسط بحيث تبقى إسرائيل هي الأقوى دوما في المنطقة والبعيدة عن أي خطر يهدد كيانها وأمنها وهكذا جاء الغزوة الأمريكي للعراق بعد أن أصبح العراق يشكل خطراً على أمن إسرائيل ويهدد مصالح أمريكا في المنطقة ولم تنفع محاولات دوائر المخابرات الأمريكية والإسرائيلية في إضعاف العراق أو تحجيم قدراته العسكرية والعلمية والاقتصادية التي كانت أولها إشعال الحرب الإيرانية العراقية التي استمرت ثمان سنوات وكلفت العراق خسائر بشرية ومادية كبيرة لكنها لم تضعفه بل على العكس أصبح العراق أكثر قوة بعد ان تمكن من زيادة قدراته العسكرية ورفد قواته المسلحة بقيادات وصنوف وفرق عسكرية جديدة وبناء صناعته الحربية التي تطورت بشكل كبير خلال وبعد الحرب مما أفقد الإسرائيليين والأمريكان صوابهم فراحوا يبحثون عن وسيلة أخرى لإضعاف وتحجيم قدرات العراق العسكرية والعلمية والفنية التي باتت تشكل تهديداً جديدا ًوحقيقيا لأمن إسرائيل ومصالح الأمريكان.
فكانت محاولتهم الثانية توريط العراق في عملية غزو الكويت التي حيكت خيوطها في دهاليز المخابرات الأمريكية والإسـرائيلية وكلفت العراق الكثير من الخسائر البشرية والمادية.
صحيح ان العراق كان يخرج منهكاً بعد تلك الحروب لكنه سرعان ما يستعيد عافيته لأنه يمتلك زمام أموره ويمتلك كل مقومات النهوض والتجديد وعناصر القوة وأهمها الاقتصاد القوي والثروات والأموال الكبيرة والاهم من ذلك الموارد البشرية وبالذات العلمية والفنية والأكاديمية الخلاقة والوطنية يضاف الى كل ذلك الإرادة والعزيمة القوية لقيادته ولشعبه فسرعان ما كان يعيد ترتيب أوراقه ويعيد تنظيم وبناء قدراته العسكرية والصناعية والعلمية التي تقلق الإسرائيليين والأمريكان وتقض مضاجعهم فكان عليهم التفكير بأمر جديد ينهي الى الأبد قدرات العراق وإمكاناته العسكرية والصناعية والاقتصادية والبشرية التي تشكل التهديد الأكبر لأمن إسرائيل فكان القرار الأمريكي هذه المرة ليس تحجيم هذه القدرات التي كانت سرعان ما تعاد وتتصاعد بل القضاء على نظام الحكم في العراق نهائيا وإبعاد هذا الخطر الدائم والكبير والمتجدد عن أمن إسرائيل ومصالح أمريكا فكان الغزو الهمجي الأمريكي للعراق واحتلاله عام 2003 بـــذرائعه المعروفة التي ثبت بطلانـــها والذي جاء بتحدِ صارخ للعالـم كله وباستهانة بالقانون الدولي وبدون أية موافقات من مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة.