يقول الله تعالى في كتابه الكريم (ان خير من استأجرت القوي الأمين )
لو أن حكامنا المسلمين اقتبسوا من هذه الكلمات القرآنية معانيها وأحكامها وجعلوها نهجا للتعامل مع رعيتهم لكنا في واقع حال يحسد عليه ، ولكن حكامنا تأبى نفوسهم أن ينهجوا النهج السليم بعد أن سال لعابهم وهم يمتطون الكرسي اللعين ، لقد انحرفوا وأفسدوا وغرتهم أنفسهم الغرور الذي أفقدهم القدرة على الرؤية الصائبة .
ان أمر الدولة لا يمكن أن يستقيم الا في ظل حاكم قوي أمين ، فالقوي هو من لا يخشى في قول الحق الا الله تعالى ، وهو من يرى في قوته انتصارا للمظلومين والتعساء والمحرومين ، هو من يرى في العدل خارطة طريق للنهوض بوطنه ، ولا تهدأ له نفس الا بعد أن يرى رعيته تنعم بالخير والأمن والمحبة .
وليس القوي من له القوة البدنية ليصرع بها الضعفاء رغم أن القوة البدنية كان لها شأن في الأيام الخوالي ، وليس القوي من يشهر السيف ليكون جلادا على المظلومين ، وانما القوي من يتحكم بنفسه ويغلب ضعفها ويكون عقله هو مرشده .
فان كانت للحاكم هذه القوة التي يستعين بها للأخذ بيد رعيته نحو شاطئ النجاة من غير تردد ولا ضعف ، يحسم قراره بالنظرة المتأنية الحكيمة فهو حينئذ قد نال جائزة الرضا من لدن رعيته .
ومع هذا فان القوة هذه وحدها لا تكفي اذ لا بد أن تقترن بالأمانة ، فالحاكم الأمين هو من يحرص على المال العام ولا يبدده الا بما فيه النفع وأن يستثمر هذا المال لتحقيق مصلحة الوطن واعماره
والأمانة ليست أمانة مال فحسب وانما هي مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الحاكم ، فهو مسؤول أمام الله أولا ومسؤول أمام رعيته لحمايتهم من أية أخطار تهددهم فلا يتهاون بدمائهم ولا بأموالهم ولا بأعراضهم ، لهذا فقد جاءت العبارة القرآنية ( وقفوهم انهم مسؤولون ) تفي بهذا المعنى .
ان الأمانة عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وحملها الانسان فكان جهولا كفورا .
ان أحلى وأعظم ما في الحاكم أن يكون قويا أمينا ، فان تحقق ذلك كان الخير كله ، أما العكس فهو المذلة والهوان .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *