أدت الانقسامات السياسية والتوترات الاجتماعية والفساد المستشري في العراق إلى إعاقة تطوير قطاع الطاقة بشكل كبير. وقد أطاح الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 بديكتاتور جلب للبلاد عقدا من العقوبات الدولية التي أضرت بالاقتصاد. ومع ذلك، أدى هذا الغزو أيضا إلى استمرار الصراع الذي ألحق أضرارا بالغة بالبنية التحتية في العراق.ولكي تستثمر الشركات الأجنبية في العراق، يجب أن تجد بيئة استثمارية مستقرة تتسم بدرجة معقولة من اليقين. ويجب أن يكون العراق أيضا سوقا مربحة ومستدامة لهذه الشركات ما يعني أنه يجب على العراق احترام اتفاقياته المالية. كما يجب توفير البنية التحتية اللازمة للاستكشاف والاستثمار. وللأسف، يفتقر العراق إلى كل هذه العوامل، الأمر الذي أدى إلى ندرة الاستثمار الأجنبي. والواقع هو أن مناخ الاستثمار في العراق تدهور. على سبيل المثال، باعت “شل” حصتها بالكامل في حقل غرب القرنة، كما باعت “إكسون موبيل” حصتها البالغة 32.7% في نفس الحقل لشركة نفط العراق، وتتطلع شركة “بريتش بتروليوم” لبيع أصولها لأن بيئة الاستثمار في البلاد غير مناسبة للاستثمارات الكبيرة.
ومن غير المرجح أن يشهد قطاع الطاقة في العراق تغيرا جوهريا في المستقبل المنظور بالرغم من المشاريع التي تقوم بها بعض الشركات الأصغر. وانتعشت الآمال في العراق بعد أن وقعت الحكومة صفقة كان من المفترض أن تعكس مسار إهمال قطاع الطاقة، لكن الواقع السياسي الفوضوي في البلاد أوقف تنفيذها بسرعة. وكانت الحكومة العراقية قد وقعت اتفاقا مع شركة “توتال” الفرنسية العملاقة للنفط لبناء 4 مشاريع طاقة كبيرة في جنوب العراق. وبموجب العقد الذي تبلغ قيمته 27 مليار دولار، تبني الشركة الفرنسية أيضا مصنعا لمعالجة الغاز بقيمة 2 مليار دولار يخدم 3 حقول. وتشمل البنود الأخرى من الصفقة بناء محطة كبيرة للطاقة الشمسية بقدرة 1 جيجاواط، وآلية لحقن مياه البحر في حقول النفط لتعزيز الإنتاج، وإدخال تقنيات جديدة لالتقاط الغاز المصاحب للنفط. وبموجب الصفقة، يحصل العراق على العديد من الفوائد؛ حيث يزيد من إنتاجه النفطي، الذي يعد إلى حد بعيد المصدر الرئيسي للإيرادات في البلاد، كما يعزز إنتاج الغاز الطبيعي واستغلال الطاقة الشمسية. وبحسب وزير النفط العراقي، تعتبر الصفقة من أهم مشاريع البنية التحتية للعراق في العقدين الماضيين. وبالرغم من هذه الفوائد الواضحة، فقد عرقلت السياسة الداخلية تنفيذ الصفقة. وظل الجانبان غارقين في خلافات منذ شهور بشأن مخاوف من أن الحكومة العراقية الجديدة التي تشكلت بعد الانتخابات الأخيرة في البلاد ستلغي الاتفاق. كما أن الجمود السياسي الذي منع تشكيل أي حكومة خلق مناخا معاديا للاستثمار الأجنبي وأثار مخاوف كبيرة. ويرتبط مستقبل قطاع الطاقة في العراق، مثل القطاعات الأخرى، بالتحول السياسي والاجتماعي الذي تشتد الحاجة إليه في العراق، والذي يجب أن يعالج الفساد ونفوذ الميليشيات والعنف السياسي بشكل عام. ويرتبط تطوير قطاع الطاقة في العراق ارتباطا جوهريا بالعوامل الهيكلية الأخرى التي ستستغرق أعواما أو حتى عقودا لمعالجتها بشكل كامل. ولسوء الحظ، لم يغير السياسيون العراقيون سلوكهم ليناسب احتياجات الشعب العراقي، ومن غير المرجح أن تكون الموارد الطبيعية غير المستغلة في العراق رافدا لسوق الطاقة العالمية طالما استمرت الظروف السلبية الحالية.

 

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *