بحسب المادتين 92 و 93 من الدستور العراقي لسنة 2005 فإن المحكمة الاتحادية العليا هي المحكمة الوحيدة دون غيرها من مؤسسات القضاء التي أوكلت لها مهمة تفسير الدستور، وكل جهة سياسية تفسّر الدستور فهي محاولة منها لتحقيق مصالح ذاتية أو فشل القوى السياسية في إدارة الدولة وابقاؤها ضعيفة وفاشلة، وهنا لابد من التذكير أن القوى السياسية التقليدية أعترفت بفشلها ولسان حالها يقول عجزنا عن بناء الدولة العراقية؛ وعلى الجميع أن يعلم أن مواد الدستور حتمية التنفيذ وملزمة وهي مواد الشعب العراقي وليست للقوى السياسية لأن دستور 2005 هو الدستور الوحيد الذي صوت عليه الشعب العراقي بشـــــــــكل غير مباشر من قبل الجمعية الوطنية والثانية في الاستفتاء الشعبي المباشر عام 2005 وبهذا أصبح العقد الاجتماعي للأمة ولا يحق للقوى السياسية تفسير مواده.
وفي التفسير الأخير للمحكمة الاتحادية العليا بشهر أذار الماضي بشأن إعادة فتح باب التصويت لانتخاب رئيس الجمهورية قال رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان إن المحكمة اجتهدت ولم يقل إن النص غير كامل بل هو حاكم ولا اجتهاد في مورد النص.
المحكمة الاتحادية هي قضاء دستوري فيه جنبة سياسية بمعنى أنها تأخذ الوضع السياسي بنظر الاعتبار ومثال على ذلك ما يحصل اليوم من تعطيل التوقيتات الدستورية دون حسم فهذه كارثة بحق الشعب وسمعة البلد وللأسف القوى السياسية التقليدية لم تنتبه له وبهذا فإن تفسيرات وقرارات المحكمة الاتحادية تدخل في أمور الدولة ومثال على ذلك المطالبة من الشعب العراقي لتدخل المحكمة الإتحادية للتدخل بأقرار قانون الموازنة العامة لأن في الموازنة يتم إطلاق الاموال للمقاولين ورجال الاعمال والفلاحين والتجار وهي تدخل بصلب حياة المواطن العراقي وتأخيرها يؤثر سلباً على حركة الدولة العراقية؛ وهذا لا يمكن أن يتم في ظل حكومة تصريف الإعمال لأن في المادتين 61 و64 من الدستور يمنع على حكومة تصريف الاعمال تقديم مشاريع القوانين.
الكارثة اليوم أنه حتى مجلس النواب معطل لأن المجلس لا يمكن أن يقوم بمهامه دون وجود لجان نيابية واللجان النيابية لم تحسم إلى الآن بسبب عدم انعقاد المجلس وغياب بعض القوى السياسية.
المحكمة الاتحادية قراراتها فيها جنبة سياسية لأن قراراتها في صلب العمل السياسي للدولة وهي محكمة دستورية بمعنى تلتزم بالنصوص الدستورية والنصوص القانونية التي شكلت بموجبها المحكمة والنظام الداخلي للمحكمة رقم (1) لسنة 2005 وهي ملتزمة بها من الناحية الدستورية والقانونية والنظام الداخلي لكن مهامها تكون مرتبطة مع العمل السياسي للدولة، وذلك ما نعنيه بالدور السياسي للمحكمة الاتحادية؛ وهذه المهمة لم تجدها في محكمة البداءة ولا في محكمة الاحوال الشخصية ولا في محكمة التمييز الاتحادية لأنها غير مرتبطة بالاحزاب والقوى السياسية بعكس المحكمة الاتحادية التي تتعلق بمراقبة تنفيذ مواد الدستور وهي مرتبطة بطريقة أو بأخرى بالكتل والأحزاب السياسية وإن ميل هذه المحكمة العليا لأي جهة سياسية سيخرجها عن الحياد.
لهذا يجب أن تُلزم المحكمة الاتحادية مجلس النواب بالانعقاد والدعوة إلى انتخاب رئيس الجمهورية وهناك الكثير من الدعوات التي ستقام أمام المحكمة ضد تعطيل مجلس النواب الذي لا يصب بخدمة الشعب.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *