ثمة تمدد سياسي فوق الحاجة الوطنية ، فتناقضات المواقف بين الكيانات السياسية ، خرجت عن سياقات المهمات الوطنية لضرورات التغيير ، وباتت تتمحور حول العقائد الثابتة من اجل مكاسب جهوية ، لم يعد مسموحا شعبيا ولا منطقيا أن تتوقف الميزانية على اعتاب الخلافات ، فيما اصبح السوق خارج نطاق السيطرة ، والبلاد بدون حكومة تقرر وتنفذ تحت مسميات من انها حكومة تصريف اعمال ، والوضع الشعبي العام يزداد سوء من النواحي المعيشية والنفسية والحياتية.
لم يعد مسموحا ابدا ، ان تنحصر الخلافات حول قضايا ، هي بالأساس لم تخرج عن نطاق التوزيعات الكيانية ، وابعاد أخرى ، فالوطن بحاجة الى اليات عمل لحلحلة مغلقات الازمة ، ليس على اساس تركيبات الحكومات السابقة التي تكرست بالسلوك الطائفي والمصالح السياسية الانانية ، ولابا بعاد ورفض اطراف سياسية أخرى بحجة مشروع الحكومة الوطنية ، فالحكومة الوطنية يتوجب عليها طرح مشروعها وبرنامج عملها بعيدا عن الشعارات العامة ، وعلى وفق هذا المشروع يتوجب دعوة كل الأطراف بغض النظر عن حجومها البرلمانية ، للمناقشة والاتفاق على صياغة عمل وطني مشترك ، عملا يكون خارج سياسة الحصص في الحكم ، وقريب من نظام الحكم الوطني الذي يستند على الكفاءة والخبرة ونظافة اليد والسلوك.
ان الإصرار على رئاسة الجمهورية بين الحزبين الكرديين ، وكذلك الانتقائية للتيار الصدري بين اطراف الاطار التنسيقي ، يعد من أهم عناصر الاختلاف وتعطيل العمل في تشكيل الحكومة ، مما يؤدي ذلك الى الانقسام المجتمعي ويضعف حتماً الحكومة القادمة إذا ما تشكلت ، لذا أنه من الضرورة بمكان عقد مؤتمرا وطنياً بين كافة الأطراف المختلفة ومن المحبذ حضور شخصيات وازنة الى هذا المؤتمر بغية الخروج بموقف مشترك يؤسس لحكومة وطنية على وفق المصالح العليا للبلاد .
إن الإصرار على التشبث بالمواقف التي تفرز حالة الإنقسام ، سيؤدي بالضرورة الى عودة الصراعات السياسية وقد تتحول الى تناقضات مؤلمة يدفع ثمنها الشعب ، لذا لم يعد مسموحا أخذ البلاد الى حالة من الانغلاق بسبب الانسداد السياسي ، سيما بعد ما صار العراق عنصرا فاعلا في العديد من الملفات العربية والإقليمية والدولة .
يتضح إن مجمل القوى والمكونات السياسية التي تشتغل على قاعدة  نحن ولا غيرنا ، لم تهتم لمجريات التطورات العالمية وعمليات الشحن العسكري بين الدول الكبرى  التي تسببت بازمات اقتصادية وغذائية عالمية وكانت الحرب الروسية الأوكرانية والاطلسي طرفا فيها واحدة من ابرز تلك الازمات ، قد تاثر بها العراق على الأقل في الوقت الراهن من ناحية ارتفاع الأسعار ، وليس من المستبعد أن تتطور تلك الازمات العالمية الى اسوء مما هي عليه ، ولابد من الالتفات للمصلحة العراقية وحسم هذا الانسداد السياسي ، والتوجه للمصلحة الوطنية في خدمة الشعب وبناء البلاد التي أصبحت في كثير من مناطقها اشبه بالمهجورة .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *