في نعي السيد رئيس الوزراء لرحيل صديقي العالم الآثاري والاكاديمي والوزير الدكتور عبد الأمير الحمداني مديحا مستحقا لقامة وطنية وعلمية فقدها العراق ، فقد كان هذا الرجل يحمل جمال الروح والخلق الاجتماعي والموهبة المثقفة والعالمة ، وربما رحيله بدى مؤثرا في عموم الطبقة المثقفة العراقية.
هذا الرجل السومري المسكون بعاطفة بيئة الجنوب والأهوار والمواقع الأثــــــرية احتفى بســـــيرة ذاتية مهنية وأدبية رائعة ، ولكن القدرية الحتمية أرادته ان يعيش محنة المرض وصراعه معه لأكثر من خمسة أعوام . وفي النهاية سجلت تفاصيل موته تلك الدراما الحزينة التي كنت فيها ازوره مرات ومرات أراقبــــــه من بعيد وقد سكنته عزيمـــــة غريبة وهو يكتب لي بقلم عينيه ، لأكثر من ثلاثين سنة احفر في الارض لاستخراج الألواح والاختتام والتماثيل والمعابد وأسس المدن المندثرة  ، وغدا سينبشون لي مكان في ذات الارض التي كنت انبش فيها منقبا ودارسا وهوايا.
مات عبد الأمير الحمداني وقد ترك فينا حزنا غريبا نفكر من خلاله ان نعيــــش لحظات الوفاء من أجله من خــــــلال شاخصا لقـــامته النحيفة قرب متـــحف الناصرية حيث اقترح ان يقام له تمثالا في الشارع المؤدي الى بنــــــــاية متحف الناصرية الذي عمـــل فيه موظفا ثم مديرا ، وفيه وقائع كثيــــــرة تسجل شجاعة نادرة لعبد الأمير الحمداني وهو يحافظ على أثار بـــــــلاده ويعيش مجابهات وصلت به الى التهديد بقتل مع لصوص الأثار والسراق واؤلئك الذين يحلمون بتهريب آثارنا خارج الحدود.
دعوة صادقة بأسم مدينة الناصرية وأهلها أن ينفذ حلم المثقفين وأبناء المدينة بأقامة تمثال يليق بهذا الرجل الدؤوب والعالم والأثري والباحث ، وحتما سيتبرع الكثير من نحاتي المحافظة والعراق لإقامة تمثال يؤرخ للسائحين والدارسين وضيوف الناصرية وأهلها تفاصيلا مشرقة لمنجز هذا الرجل وهو يبحث في أحلام أساطير اهل اور والوركاء وتللو ولارسا وتل العبيد وايشانات الأهوار وامكنه أثرية اخرى ، مع سيرة رائعة من التأليف والبحوث والمحاضرات في جامعات العراق وأمريكا وبريطانيا ودولا اخرى.
وجه عبد الأمير في ملامح تمثال من الحجر او البرونز تشكل في ذاكرة المدينة خلود تلك الروح وبقائها حية وخالدة مع كل اللقى والأثريات التي عثر عليها عبد الأمير في مسيرته التنقيبية .
وجه الدكتور عبد الأمير الحمداني في ملامح التمثال أبقاء ازليا لحلم رجل تمنى ان يجد كل الأثر القابع تحت الارض .
والان هي دعوة الى السيد رئيس الوزراء والى محافظ المدينة ( الناصرية ) والى وزير الثقافة الحالي والقادم .والى كل الخيرين ان ينصفوا جهد أثاري عاش عاشقا للتراث والحضارة السومرية ــ العراقية.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *