-1-
ما من موهوبٍ أوذي نعمة إلاّ وهو محاط بأعدادٍ من الحُسّاد والأعداء ، يتتبعون مساره ويحاولون ان يطفئوا أنواره ، ولا يتورعون في مضمار الاساءة اليه عن كذب ، ولا يتناهون عن إلصاق أبشع التهم بِهِ ، وهو بريء من كل ما يُنسب اليه مِنْ مثالب ومعائب ولا ذنب له الاّ انه تفوّق عليهم ، وجعلهم يلوكون اخفاقاتِهم وتخلفهم عنه .
لقد تمنى بعضهم ان لا ينقص عدد حُسّاده فقال :
اني نشأتُ وحُسَادي ذوو عَدَدٍ
يا ذا المعارجِ لا تُنْقِصْ لهم عَدَدا
وقال آخر :
وإنْ حُسدتُ فزادَ اللهُ في حسدي
لا عاش مَنْ عاشَ يوماً غيرَ مَحْسُودِ
فالخامل العاطل لا يحسده أحد – كما هو معلوم –
-2-
وازاء هذه الحملات الظالمة التي تُشّنُ عليه يثور السؤال :
كيف يقابل أعداءَه وحسّادَه ؟
وهل الراجح أنْ ينازلهم بمعارك ضارية بأمل الانتصار عليهم ؟
والجواب :
إنّ الاشتباك بمعارك مع خصوم ذوي خُبث ومكر وقدرة على الفتك ليس مضمون النجاح، ولكنَّ التوجه الى ربِّ العِزّةِ بصدق وصفاء واخلاص لالتماس النجاة مِنْ كيد الأعداء ، وردِّ كيدهم الى نحورهم، هو الطريق الصحيح، وحاشا لله أنْ يُخيّب المظلوم، ولابد أنْ ينتقم له مِنْ ظالِمِيه .
-3-
ان التورع عن الاعمال والاقوال الدنيئة هو الذي يُظهر الجوهر ،
وهذا ما يرفع النبلاء الى روابي عالية من الخلق الكريم، فيما يتدحرج الخبثاء الى سفوح النذالة والسفالة
والفارق بين الفريقين كبير للغاية .
-4-
وجميل في هذا الباب قولُ أَحَدِهِم :
كادَ الأعادي فلا واللهِ ما تركوا
قولاً وفعلاً وتلقيبَاً و وتهجينا
ولم نزد نحنُ في سِرٍّ ولا عَلَنٍّ
على مقالتِنا يا رَبَّنا اكفينا
فكان ذاك ورّدُّ الله حاسِدَنا
بِغَيْظِهِ لم يَنَلْ تقديرَهُ فينا
-5-
لن يُفلت أحدٌ مِنْ يد الله القاهر القادر، وهو ينصر عبادَهُ المظلومين على اعدائهم وظالميهم، وكفى به حسيبا ورقيبا وناصرا .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *